الأحد، 13 أغسطس 2023

بين الحزن والخوف من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وموقف سيدنا يعقوب في قصة سيدنا يوسف عليهما السلام لنا مثل

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

بين الحزن والخوف

من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وموقف سيدنا يعقوب في قصة سيدنا يوسف عليهما السلام لنا مثل

الْحزن كَمِدَ قلبُ وهو ضد الفرح ، وَالْخَوْف: ضد الْأَمْن . وقالوا إنَّ الحرارة المتولِّدة من الحزن تنحاز إلى القلب من سائر أعضاء البدن ثمَّ تتصاعد إلى الدِّماغ فيعرض للرَّأس حرٍّ وبردٍ تظهر آثاره الأنف زكاماً والعينين دموعا . والخوف أعلا درجة من الحزن ، فمن خاف لا بد وأن حزن وليس كل حزين خائف .

كانت المشكلة في غياب سيدنا يوسف وتطور الأمر لفقد بنيامين ومعه قيل روبيل وقيل يهوذا عندها تجلى اليقين عند سيدنا يعقوب عليه السلام فلم تهزه ثقته بالله فقال : قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86) لقد ضَاقَ صَدْرُهُ بِسَبَبِ الْكَلَامِ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْ أَبْنَائِهِ فِي حَقِّ بِنْيَامِينَ عَظُمَ أَسَفُهُ عَلَى يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَإِنَّمَا عَظُمَ حُزْنُهُ عَلَى مُفَارَقَةِ يُوسُفَ عِنْدَ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ لِوُجُوهٍ: فلقد جدد أ الْحُزْنَ الْجَدِيدَ قوة الْحُزْنَ الْقَدِيمَ الْكَامِنَ وَالْقِدْحُ إِذَا وَقَعَ عَلَى الْقِدْحِ كَانَ أَوْجَعَ وَقَالَ مُتَمِّمُ بْنُ نُوَيْرَةَ:

وَقَدْ لَامَنِي عِنْدَ الْقُبُورِ عَلَى الْبُكَا ... رَفِيقِي لِتِذْرَافِ الدُّمُوعِ السَّوَافِكِ

فَقَالَ أَتَبْكِي كُلَّ قَبْرٍ رَأَيْتَهُ ... لِقَبْرٍ ثَوَى بَيْنَ اللِّوَى وَالدَّكَادِكِ

فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ الْأَسَى يَبْعَثُ الْأَسَى ... فَدَعْنِي فَهَذَا كُلُّهُ قَبْرُ مَالِكِ

وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا رَأَى قَبْرًا فَتَجَدَّدَ حُزْنُهُ عَلَى أَخِيهِ مَالِكٍ فَلَامُوهُ عَلَيْهِ، فَأَجَابَ بِأَنَّ الْأَسَى يَبْعَثُ الْأَسَى.

ونبينا عليه الصلاة والسلام لم يقل لسيدنا أبي بكر رضي الله عنه : لا تخف في موقف يستدعي الخوف بل قال لا تحزن ثقة بالله : قال تعالى : إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)  يَقُولُ تَعَالَى: {إِلا تَنْصُرُوهُ} أَيْ: تَنْصُرُوا رَسُولَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرُهُ وَمُؤَيِّدُهُ وَكَافِيهِ وَحَافِظُهُ، كَمَا تَوَلَّى نَصْرَهُ {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ [إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ] }  أَيْ: عَامَ الْهِجْرَةِ، لَمَّا هَمَّ الْمُشْرِكُونَ بِقَتْلِهِ أَوْ حَبْسِهِ أَوْ نَفْيِهِ، فَخَرَجَ مِنْهُمْ هَارِبًا صُحْبَةَ صدِّيقه وَصَاحِبِهِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ، فَلَجَأَ إِلَى غَارِ ثَوْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِيَرْجِعَ الطَّلَبُ الَّذِينَ خَرَجُوا فِي آثَارِهِمْ، ثُمَّ يَسِيرَا نَحْوَ الْمَدِينَةِ، فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَجْزَعُ أَنْ يَطَّلع عَلَيْهِمْ أَحَدٌ، فَيَخْلُصَ إِلَى الرَّسُولِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْهُمْ أَذًى، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَكِّنه ويَثبِّته وَيَقُولُ: " يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا"، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، أَنْبَأَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ حَدَّثَهُ قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ فِي الْغَارِ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ  نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ. قَالَ: فَقَالَ: "يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا".  وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {فَأَنزلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} أَيْ: تَأْيِيدَهُ وَنَصْرَهُ عَلَيْهِ،

نثق بالله ولن نفقد الثقة به ، بأن الله سيفرج عنا ما نحن فيه من بلاء

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ـــــــــــــــــــــــــ

الزهرة – خلف الأصبهاني(ص: 116)

تفسير ابن كثير (4/ 155)

تفسير الرازي (18/ 496)

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق