الجمعة، 29 يناير 2021

بين العامة اليوم والعامة من السلف ومن أبي شعيب القلال لنا من السلف مثل

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

بين العامة اليوم والعامة من السلف

ومن أبي شعيب القلال لنا من السلف مثل

قيل أن العامِي: هو الَّذِي لَا يبصر طَرِيقه. وَأنْشد:

لَا تأتيّني تبتغي لين جَانِبي .. برأسك نحوي عامياً متعاشياً

وَأَرْض عمياءُ وعامِيَة. وَمَكَان أعمى: لَا يُهتدى فِيهِ . وفرق كبير بين عامية اليوم والعوام عند السلف ففي الماضي كان أكثر العامة يصيبون حظوظا مختلفة من الثقافة، إذ لم يكن بينهم وبينها أي حجاب ولا أي حاجز، بل لقد كانوا يروحون ويغدون عليها فى المساجد ودكاكين الوراقين، فينهلون من كلّ ما نزعت إليه ينابيع المعرفة، ومن خير ما يصوّر ذلك أن نرى الجاحظ يقول: «وسألت بعض العطارين من أصحابنا » وكأن العطارين كانوا أقساما منهم من يتبع الاعتزال ومنهم من يتبع غيرهم ولا بد أن كان مثلهم بقية التجار وأصحاب الحرف، فهم يناصرون هذا المذهب أو ذاك، وهم يناصرون هذا الأستاذ أو ذاك ولكل أستاذ أتباعه لا من أوساط المثقفين فحسب، وليس الأمر محصوراً على الخاصة بل من العامة أيضا،واليوم أضحى google أستاذ الجميع ، العامة منا ،وحتى قدرا كبيرا من الخاصة .

أبي شعيب القلال كان من عوام الناس وكان صانعا للقلال ( الجرار ) ولنا أن نلاحظ حسن أدبه وسمو تعبيره حين واجه الخليفة الرشيد رحمه الله . قالوا: أحب الرشيد أن ينظر إلى أبي شعيب القلّال كيف يعمل القلال، فأدخلوه القصر وأتوه بكل ما يحتاج إليه من آلة العمل، فبينا هو يعمل إذا هو بالرشيد قائم فوق رأسه، فلما رآه نهض قائما، فقال له الرشيد: دونك ما دعيت له، فإني لم آتك لتقوم إلي، وإنما أتيتك لتعمل بين يدي. قال: وأنا لم آتك ليسوء أدبي، وإنما أتيتك لأزداد بك في كثرة صوابي. قال له الرشيد: إنما تعرضت لي حين كسدت صنعتك. فقال أبو شعيب: يا سيد الناس، وما كساد عملي في جلال وجهك؟ فضحك الرشيد حتى غطى وجهه ثم قال: والله ما رأيت أنطق منه أولا، ولا أعيا منه آخرا، ينبغي لهذا أن يكون أعقل الناس أو أجنّ الناس.

ولنلاحظ مرة طرفا من حديثه قيل لأبي شعيب القلّال : أيّ شيء تشتهي؟ وذلك نصف النهار، وفي يوم من صيف البصرة. قال أبو شعيب: أشتهي أن أجيء إلى باب صاحب سقط ، وله على باب حانوته ألية معلقة، من تلك المبزَّرة المشرّجة ، وقد اصفرّت، وودكها يقطر من حاقّ السّمن ، فآخذ بحضنها ثم أفتح لها فمي، فلا أزال كدما كدما، ونهشا نهشا، وودكها يسيل على شدقي، حتى أبلغ عجب الذّنب  ! قال أبو الهذيل: ويلك قتلتني قتلتني!! يعني من الشهوة.

واليوم عندنا الشاطر : الماهر وهو اللئيم . والحجش هو الحمار . والأصل البطل أو الجرح العمق . ..و .. ..و ..

وزاد البلاء في جهلنا وأرجعنا إلى الحاجة لمعرفة القراءة واللكتابة

يا ر ب عليك بمن ظلمنا وكان سبباً جهل أبنائنا

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ــــــــــــــــــــــــــــ

البيان والتبيين (2/ 180)

الحيوان (5/ 253)

تهذيب اللغة (3/ 157)

نثر الدر في المحاضرات – الآبي (7/ 173)

اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي (ص: 1020)

 

وبائع السقط : ما كسد بديه

المشرّجة : مشدجودة

ودكها : خروج الدهن

الحاق  : الوسط

الكدم : العض بالفم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق