صَبِيحَةٌ
مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي
أَخَوَاتِي
ما
دامت السعادة في أيدينا فلماذا نطلبها من سوانا
ومن
فكر شيخنا أديب سوريا علي الطنطاوي ، وقصته عن حياة الفيلسوف – كانت - نتعلم
قال
الطنطاوي : كنت أقرأ في ترجمة الفيلسوف الألماني الأشهر ( كانت ) وأنه كان لجاره
ديك قد وضعه على السطح قبالة مكتبه ،
فكلما عمد إلى شغله صاح الديك فأزعجه عن عمله ، وقطع عليه فكره . فلما ضاق به بعث
خادمه ليشتريه ويذبحه ويطعمه من لحمه ، ودعا إلى ذلك صديقا له ، وقعدا ينتظران
الغذاء . ويحدثه عن هذا الديك ، وما كان يلقى منه من ازعاج وما وجد بعده من لذة
وراحة ، ففكر في أمان واشتغل في هدوء ، فلم يقلقه صوته ، ولم يزعجه صياحه .
ودخل
الخادم بالطعام وقال معتذرا ، إن الجار أبى أن يبيع ديكه ، فاشتريت غيره من السوق ،
فانتبه – كانت - فإذا بالديك لا يزال يصيح !
فَكّرْتُ
في هذا الفيلسوف العظيم فرأيته قد شقي بهذا الديك لأنه كان يصيح ، وسعد به وهو لا
يزال يصيح ، ما تبدل الواقع ، وما تبدلت إلا نفسه . فنفسه هي التي أشقته لا صياح
الديك ونفسه التي أسعدته . وقلت : ما دامت السعادة في أيدينا فلماذا نطلبها من
غيرنا ، وما دامت قريبة منا فلماذا نبعدها عنا ، إذ نمشي إليها من غير طريقها ،
ونلجها من غير بابها ؟ إنما نريد أن نذبح الديك لنستريح من صوته ، ولو ذبحناه
لوجدنا في مكانه مائة ديك ، لأن الأرض مملؤة بالديكة ، فلماذا لا نرفع الديكة من
رؤوسنا إذا لم يمكن أن نرفعها من الأرض ؟ لماذا لا نسد آذننا عنها إذا لم نقدر أن
نسد أفواهها عنّا ؟ لماذا لا نجعل أهواءنا وفق ما في الوجود إذا لم نستطع أن نجعل
كل ما في الوجود وفق أهوائنا ؟ أنام في داري فلا توقظني عربات الشارع ولا أبواق
السيارات وهي تسمع الموتى .
والكثير
اليوم مُصرٌ على مبدأ يا أنا ، يا أنت . يشترون الهم بالمال ليقدموه هدية لأنفسهم
وأهليهم . ومنهم من يحسد الهدوء والراحة عند سواه فيعمل على ابراز ما في الواقع من
سوء أو يصطنعه لتحقيق منفعة له .
ويا
رب فرج عن سوريا وأهل سوريا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق