الاثنين، 21 ديسمبر 2020

ما دامت السعادة في أيدينا فلماذا نطلبها من سوانا وقصة عن حياة الفيلسوف – كانت

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

ما دامت السعادة في أيدينا فلماذا نطلبها من سوانا

ومن فكر شيخنا أديب سوريا علي الطنطاوي ، وقصته عن حياة الفيلسوف – كانت - نتعلم

قال الطنطاوي : كنت أقرأ في ترجمة الفيلسوف الألماني الأشهر ( كانت ) وأنه كان لجاره ديك قد  وضعه على السطح قبالة مكتبه ، فكلما عمد إلى شغله صاح الديك فأزعجه عن عمله ، وقطع عليه فكره . فلما ضاق به بعث خادمه ليشتريه ويذبحه ويطعمه من لحمه ، ودعا إلى ذلك صديقا له ، وقعدا ينتظران الغذاء . ويحدثه عن هذا الديك ، وما كان يلقى منه من ازعاج وما وجد بعده من لذة وراحة ، ففكر في أمان واشتغل في هدوء ، فلم يقلقه صوته ، ولم يزعجه صياحه .

ودخل الخادم بالطعام وقال معتذرا ، إن الجار أبى أن يبيع ديكه ، فاشتريت غيره من السوق ، فانتبه – كانت - فإذا بالديك لا يزال يصيح !

فَكّرْتُ في هذا الفيلسوف العظيم فرأيته قد شقي بهذا الديك لأنه كان يصيح ، وسعد به وهو لا يزال يصيح ، ما تبدل الواقع ، وما تبدلت إلا نفسه . فنفسه هي التي أشقته لا صياح الديك ونفسه التي أسعدته . وقلت : ما دامت السعادة في أيدينا فلماذا نطلبها من غيرنا ، وما دامت قريبة منا فلماذا نبعدها عنا ، إذ نمشي إليها من غير طريقها ، ونلجها من غير بابها ؟ إنما نريد أن نذبح الديك لنستريح من صوته ، ولو ذبحناه لوجدنا في مكانه مائة ديك ، لأن الأرض مملؤة بالديكة ، فلماذا لا نرفع الديكة من رؤوسنا إذا لم يمكن أن نرفعها من الأرض ؟ لماذا لا نسد آذننا عنها إذا لم نقدر أن نسد أفواهها عنّا ؟ لماذا لا نجعل أهواءنا وفق ما في الوجود إذا لم نستطع أن نجعل كل ما في الوجود وفق أهوائنا ؟ أنام في داري فلا توقظني عربات الشارع ولا أبواق السيارات وهي تسمع الموتى .

والكثير اليوم مُصرٌ على مبدأ يا أنا ، يا أنت . يشترون الهم بالمال ليقدموه هدية لأنفسهم وأهليهم . ومنهم من يحسد الهدوء والراحة عند سواه فيعمل على ابراز ما في الواقع من سوء أو يصطنعه لتحقيق منفعة له .

ويا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق