الاثنين، 21 ديسمبر 2020

نعم من بؤس أهله ومن صفات الكلب لنا مثل

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

نعم من بؤس أهله

ومن صفات الكلب لنا مثل

وما أكثر من يطلب النعمة على حساب أهله وأصحابه ومن كان سببا له فيها ، وإن حلّ نتيجة لذلك البؤس على أهله والدمار على وطنه . الأهم عندهم التنعم بالحياة وإن استجروا ذلك على حساب أعز الناس عندهم طبيعتهم كطبع الكلاب فالكلب حارس ومحترس منه، أليف كثير الخيانة على إلفه. وإنما اقتنوه على أن ينذرهم بموضع السارق، وتركوا طرده لينبههم على مكان المبيّت. وهو أسرق من كل سارق، وأدوم جناية من ذلك المبيّت. فهو سرّاق، وهو نبّاش قبور، وآكل لحوم النّاس. ألا إنّه يجمع سرقة الليل مع سرقة النّهار، ثم لا تجده أبدا يمشي في طريق، أو في براريّ، أو في ظهر جبل، أو في بطن واد، إلّا وخطمه في الأرض يتشمّم ويستروح، وإن كانت الأرض بيضاء حصّاء أو ملساء، أو صخرة خلقاء؛ حرصا وجشعا، وشرها وطمعا  . وهو من البهائم والوحيد الذي يشتم دبره ، ولا يتشمّم غيرها من جسده ، والكلب رمى بنفسه على الناس عجزا ولؤما، ونقصا ،وخاف السباع واستوحش . وقد سمي بالسائل المحروم وقد قيل «اصنعوا المعروف ولو إلى الكلب»  عطفوا عليه واتّخذوه في الدّور. وعلى أنّ ذلك لا يكون إلّا من سفلتهم وأغبيائهم. ولو تمّ للكلب معنى السبع وطباعه، لما ألف الإنسان، واستوحش من السبع، وكره الغياض، وألف الدّور، واستوحش من البراري وجانب القفار، وألف المجالس والدّيار. ولو تمّ له معنى البهيمة في الطبع والخلق والغذاء، لما أكل الحيوان، وكلِب على النّاس. نعم حتّى ربّما كلب ووثب على صاحبه وكلب على أهله. وقد ذكر ذلك طرفة فقال:

كنت لنا والدّهور آونة ... تقتل حال النّعيم بالبؤس

ككلب طسم وقد تربّبه ... يعلّه بالحليب في الغلس

ظلّ عليه يوما يفرفره ... إلّا يلغ في الدماء ينتهس

وفي المثل العربي : «سمّن كلبك يأكلك» وأنشد ابن الأعرابي لبعضهم:

وهم سمّنوا كلبا ليأكل بعضهم ... ولو ظفروا بالحزم ما سمّن الكلب

وقد زعموا أن قوماً من العرب كانت لهم ماشية من إبل وغنم، فوقع فيها الموت فجعلت تموت فيأكل كلابهم من لحومها، فأخصبت وسمنت، فقيل: نعم كلب من بؤس أهله ، فذهبت مثلاً. وكان رجل من أهل الشام مع الحجّاج بن يوسف، وكان يحضر طعامه، فكتب إلى أهله يخبرهم بما هو فيه من الخصب، وأنه قد سمن فكتبت إليه امرأته:

أتهدي لي القرطاس والخبز حاجتي ... وأنت على باب الأمير بطين

إذا غبت لم تذكر صديقا وإن تقم ... فأنت على ما في يديك ضنين

فأنت ككلب السّوء في جوع أهله ... فيهزل أهل الكلب وهو سمين

ومن ساق إلينا البلاء بغى بذلك نعيمه على حساب شقائنا همه نفعه ، لا يبال بأهل ولا وطن

يا رب فرج عن سوريا وأهلها سوريا

ـــــــــــ

أمثال العرب الضبي (ص: 173)

الحيوان (1/ 125)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق