الاثنين، 21 ديسمبر 2020

جناب بن حارثة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وبره أبيه حتى وإن ظل على كفر

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

جناب بن حارثة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ  وبره أبيه حتى وإن ظل على كفر

وهو بن صخر بن مالك بن عبد مناة العذريّ. ذكره أبو حاتم السّجستانيّ في «المعمّرين» ، فقال: أدرك حارثة الإسلام فلم يسلم، وعاش مائة سنة وثمانين سنة حتى أدرك الإسلام فلم يسلم، وأسلم ابنه جناب بن حارثة بن صخر، وهاجر إلى المدينة، فجزع من ذلك جزعا شديدا. وأسلم ابنه جناب، وهاجر إلى المدينة فجزع أبوه من ذلك جزعا شديدا، وأنشأ يقول:

إذا هتف الحمام على غصون ... جرت عبرات دمعي بانسكاب

يذكّرني الحمام صفيّ عيشي ... جنابا من غذيري من جناب

أردت ثواب ربّك في فراقي ... وقربي كان أقرب للثّواب

تركت أباك بالأدوات كَّلا ... وأمَّك كالعجول من الظِّراب

فلا وأبيك ما باليت وجدي ... ولا شوقي الشَّديد ولا اكتئابي

ولا دمعا تجود به المآقي ... ولا أسفي عليك ولا انتحابي

فعمرك لا تلوميني ولومي ... جنابا حين أزمع بالذَّهاب

وقيل فبلغت أبياته عمر، ، ثم أتاه جناب يوما وهو في مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم وحوله المهاجرون والأنصار، فوقف عليه ثم أنشأ يقول:

أعاذل قد عذلت بغير قدر ... ولا تدرين عاذل ما ألاقي

فإمّا كنت عاذلتي فردّي ... كلابا إذ توجّه للعراق

ولم أقض اللّبانة من كلاب ... غداة غد وأذّن بالفراق

فتى الفتيان في عسر ويسر ... شديد الرّكن في يوم التلاقي

فلا واللّه ما باليت وجدي ... ولا شفقي عليك ولا اشتياقي

وإبقائي عليك إذا شتونا ... وضمّك تحت نحري واعتناقي

إِن الْفَارُوق لم يردد كلاباً ... إِلَى شيخين هامهما زواقي

قَالَ: فَبكى عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ  بكاء شَدِيدا وقَالَ لَهُ: مَا بلغ من برك بأبيك قَالَ: كنت أوثره وأكفيه أمره وَكنت أعْتَمد إِذا أردْت أَن أحلب لَهُ لَبَنًا أغزر ناقةٍ فِي أبله وأسمنها فأريحها فأتركها حَتَّى تَسْتَقِر ثمَّ أغسل أخلافها حَتَّى تبرد ثمَّ أحلب لَهُ فأسقيه. فَبعث عمر إِلَى أُميَّة فجَاء يتهادى وَقد ضعف بَصَره وانحنى فَقَالَ لَهُ: كَيفَ أَنْت يَا أَبَا كلاب فَقَالَ: كَمَا ترى يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ.) فقَالَ له عمر : فَهَل لَك من حَاجَة قَالَ: نعم أشتهي أَن أرى كلاباً فأشمه شمةً وأضمه ضمةً قبل أَن أَمُوت فَبكى عمر وَقَالَ: ستبلغ فِي هَذَا مَا تحب إِن شَاءَ الله ثمَّ أَمر كلاباً أَن يحتلب لِأَبِيهِ نَاقَة كَمَا كَانَ يفعل وَيبْعَث إِلَيْهِ بلبنها. فَفعل فَنَاوَلَهُ عمر الْإِنَاء وَقَالَ: دُونك هَذَا يَا أَبَا كلاب. فَلَمَّا أَخذه وَأَدْنَاهُ إِلَى فَمه قَالَ: لعمر الله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنِّي لأشم رَائِحَة يَدي كلاب من هَذَا الْإِنَاء. فَبكى عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ  وَقَالَ لَهُ: هَذَا كلابٌ عنْدك حَاضر قد جئْنَاك بِهِ. فَوَثَبَ إِلَى ابنه فضمه إِلَيْهِ وَقَبله وَجعل عمر يبكي وَمن حَضَره وَقَالَ لكلاب: الزم أَبَوَيْك فَجَاهد فيهمَا مَا بقيا ثمَّ شَأْنك بِنَفْسِك بعدهمَا.

ــــــــــــ

المعمرون والوصايا - السجستاني(ص: 23)

الإصابة في تمييز الصحابة – ابن حجر العسقلاني(1/ 606)

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق