الأربعاء، 28 أكتوبر 2020

دَعِ امْرأً وَمَا اخْتَارَ. ومن راع للغنم نتعلم

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

دَعِ امْرأً وَمَا اخْتَارَ.

ومن راع للغنم نتعلم

المثل الذي ابتدأت به عربي يضرب لمن لا يقبل وعْظَكَ، فيقال حين تجد نفسك عاجز عن ردعه : دَعْه واختياره، كما قيل:

إذا المرءُ لم يدر ما أمكنه ... ولم يأتِ من أمْرِهِ أزْيَنَهْ

وأعْجَبَه العجب فاقْتَادَهُ ... وتَاهَ به التيهُ فاسْتَحْسَنَهْ

فدَعْهُ فقد ساء تَدْبِيرُهُ ... سَيَضْحَكُ يَوْماً ويبكي سَنَةْ

والكل يعلم أن الحق أبلج وكل ذي عينين لا بد أن يرى الشمس .إلا أن ابتلينا بمن لا مروءة لهم فهم خارج دائرة الأدب وكيف نرى أدبا عند قوم ضيعوا عقولهم فظنوا أن في عقولهم ما يغنيهم ويكفيهم ، ولا في عقول سواهم .

مرّ عبيد الله بن معمر التيميّ على راعٍ في ظل حائط ومعه غنمٌ يرعاها، فقال: ياراعي، هل من لبن؟ قال: أنا مملوك وهذه الغنم لمولاي، ولايسعني ماتسألني ولا يحلُّ لي. قال وهو يطعم وإلى جنبه كلبٌ يأكل لقمةً ويلقي إليه لقمةً، فقال عبيد الله: إنك لعجبٌ! قال: وماذاك؟ قال: أراك تقاسم الكلب طعامك. قال: أولاً أستحيي من ذي عينين يراني آكل ولاأطعمه؟! قال له: فلمن هذه الغنم؟ قال: لبني فلان من أهل المدينة. قال: ومملوك من أنت؟ قال: لهم. قال: فلمن هذا الحائط؟ - يعني البستان. قال: لهم. قال: فأتى عبيد الله بن معمر مواليه، فقال: أتبيعوني مملوككم فلاناً؟ قالوا: نعم! قال: والغنم؟ قالوا: نعم! قال: والبستان؟ قالوا: نعم! فاشتراها كلَّها، ثمّ أقبل إلى الراعي فقال له: أنت، ياراعي، حُرٌّ لوجه الله! قال: الحمد لله على ذلك! قال: وقد اشتريتُ الغنم فهي لك! قال: أشهدك، يامولاي، إنها صدقة على المساكين! قال: وقد اشتريت الحائط وهو لك! قال: أشهدك، يامولاي، إنه وقفٌ على فقراء أهل المدينة! فانصرف عبيد الله وهو يقول: مارأيت كاليوم مثل هذا العبد لله درُّه!

لقد اتعظ عبيد الله من سلوك راع .

ترى فهل نتعظ فنؤب للحق وننبذ العناد

أم ما زلنا نبني على أحلام إبليس قصورا واهية

يا رب فرج عن سوريا وأهلها

ــــــــــــ

الأدب والمروءة – اللخمي (ص: 12)

مجمع الأمثال – الميداني (1/ 268)

نور القبس - اليغموري (ص: 73)

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق