الجمعة، 9 أكتوبر 2020

ترى هل مضى زمان الذين إذا يقولوا يصدقوا ؟!

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

ترى هل مضى زمان الذين إذا يقولوا يصدقوا ؟!

قال أبو إسحاق: إذا أردت أن تعرف مقدار الرجل العالم، وفي أيّ طبقة هو، وأردت أن تدخله الكور وتنفخ عليه، ليظهر لك فيه الصّحّة من الفساد، أو مقداره من الصّحّة والفساد، فكن عالما في صورة متعلّم، ثم اسأله سؤال من يطمع في بلوغ حاجته منه. وحينها تدرك أنت من تخاطب أجاهلا أم عالم .

ومن سخط البلاء الذي نحن فيه اتساع رقعة العوام مع ارتفاع نسبة الأمية التي حلمنا بزوالها يوماً . والعوامّ أقلّ شكوكا من الخواص، وفي أنحاء الحياة كلها لأنّهم لا يتوقّفون عن التصديق والتكذيب ودون ميزان من العلم وهم لا يرتابون بأنفسهم، فليس عندهم إلّا الإقدام على التّصديق المجرّد، أو على التكذيب المجرد، وألغوا الحالة الثالثة وهي الشّكّ ليخرجوا منه إلى اليقين . وغفر الله لصالح بن عبد القدوس وكان من أهل الريب حيث قال :

بقيَ الذين إذا يقولوا يكذبوا ... ومضى الذين إذا يقولوا يصدقوا

وَرحم الله عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ حيث قال :

ذَهَبَ الرِّجَالُ الْمُقْتَدَى بِفِعَالِهِمْ ... وَالْمُنْكِرُونَ لِكُلِّ أَمْرٍ مُنْكَرِ

وَبَقِيت فِي خَلَفٍ يُزَيِّنُ بَعْضُهُمْ ... بَعْضًا لِيَأْخُذَ مُعْوِرٌ عَنْ مُعْوِرِ

ورحم الله بشار حيث قال :

فَسَدَ الزَّمَانُ وَزَالَ فِيهِ الْمُقْرِفُ ... وَجَرَى مَعَ الْفَرَسِ الْحِمَارُ الْمُوكَفُ

وكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ رحمه الله يَقُولُ : ذَهَبَ النَّاسُ فَلَا مَرْتَعَ وَلَا مَفْزَعَ

إلا أن أبو مياس الشاعر كان يقول: إنما الزمان وعاء، وما ألقي فيه من خير أو شر كان على حاله. ثم أنشأ يقول:

أرى حللا تصان على أناس ... وأخلاقا تداس فما تصان

يقولون الزمان به فساد ... وهم فسدوا وما فسد الزمان

ولا أقول : قد فقد الصدق بل أقول : قل الصادقون

ويا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الدر الفريد وبيت القصيد – المستعصمي (4/ 173)

الآداب الشرعية والمنح المرعية –ابن مفرج المقدسي(3/ 562)

الحيوان – للجاحظ (6/ 336)

الأوائل للعسكري (ص: 379)

العقد الفريد (2/ 188)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق