الجمعة، 26 فبراير 2016

من أَعَانَ ظَالِمًا سُلِّطَ عَلَيْهِ

من أَعَانَ ظَالِمًا سُلِّطَ عَلَيْهِ
أقول جلت حكمة الله
فالتاريخ بكل حيثياته ينطق فيما ينطق بتأكيد هذا الحديث الشريف المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم
ولقد اخترت لكم ثلاثة أمثلة ، والصلة بينهم أن كل منهم مالئ ظالماً واحد هو هولاكو ، الذي استباح دماء المسلمين ، ولا رابطة مصلحة بينهم ولا لقاء ولا اتفاق 0
وكلي ثقة أن ذاكرتكم مليئة بالأمثلة على صدق وصحة ما قلت 0
ولكن ليس كل من ظننا فيه السعي للظلم كان كذلك ، فكثير ما يخيب ظن السوء في الحكم على الناس
-         الْوَزِيرُ مُؤَيِّدُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلْقَمِيِّ رافضي كان السبب في دخول هولاكو بغداد وأقل
أهدافه اسكات أصوات المساجد وكل قرأ عن الذي حصل في بغداد بعد استباحتها فكَانَ الرَّجُلُ يُسْتَدْعَى بِهِ مِنْ دَارِ الْخِلَافَةِ من بنى العباس فيخرج بأولاده ونسائه فَيُذْهَبُ بِهِ إِلَى مَقْبَرَةِ الْخَلَّالِ، تُجَاهَ الْمَنْظَرَةِ فَيُذْبَحُ كَمَا تُذْبَحُ الشَّاةُ، وَيُؤْسَرُ مَنْ يَخْتَارُونَ مِنْ بَنَاتِهِ وَجَوَارِيهِ. وَقُتِلَ شَيْخُ الشُّيُوخِ مُؤَدِّبُ الْخَلِيفَةِ صَدْرُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ النَّيَّارِ، وَقُتِلَ الْخُطَبَاءُ وَالْأَئِمَّةُ، وَحَمَلَةُ الْقُرْآنِ، وَتَعَطَّلَتِ الْمَسَاجِدُ وَالْجَمَاعَاتُ وَالْجُمُعَاتُ مُدَّةَ شُهُورٍ بِبَغْدَادَ، ، فَلَمْ يُقَدِّرْهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى كل ما أراد ، بَلْ أَزَالَ نِعْمَتَهُ عَنْهُ وَقَصَفَ عُمْرَهُ بَعْدَ شُهُورٍ يَسِيرَةٍ مِنْ هَذِهِ الْحَادِثَةِ، وَأَتْبَعَهُ بِوَلَدِهِ فَاجْتَمَعَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالدَّرْكِ الْأَسْفَلِ من النار
وقد رأته امرأة وهو في الذل والهوان وهو راكب في أيام التتار برذونا وهو مرسم عليه، وسائق يسوق به ويضرب فرسه، فوقفت إلى جانبه وقالت له: يَا ابْنَ الْعَلْقَمِيِّ هَكَذَا كَانَ بَنُو الْعَبَّاسِ يُعَامِلُونَكَ؟ فَوَقَعَتْ كَلِمَتُهَا فِي قَلْبِهِ وَانْقَطَعَ فِي دَارِهِ إِلَى أَنْ مات كمدا وغبينة وضيقا
-         السُّلْطَانِ الْمَلِكِ النَّاصِرِ صَلَاحِ الدِّينِ يُوسُفَ ابن الْعَزِيزِ مُحَمَّدِ بْنِ الظَّاهِرِ غَازِي بْنِ
النَّاصِرِ صَلَاحِ الدِّينِ يُوسُفَ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ شَادِي فَاتِحِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. وكان متعاون مع التتار وكان قد استدعاهم لقتال المسلمين ودخول مصر ، فنصر المسلمين في عين جالوت 0
وذكروا في كيفية قتله أَنَّهُ أمر بأربع من الشجر متباعدات بعضها عن بعض، فَجُمِعَتْ رُؤُوسُهَا بِحِبَالٍ ثُمَّ رُبِطَ النَّاصِرُ فِي الأربعة بِأَرْبَعَتِهِ ثُمَّ أُطْلِقَتِ الْحِبَالُ فَرَجَعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ إِلَى مَرْكَزِهَا بِعُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ
-         سليمان بْنِ عَامِرٍ الْعَقْرَبَانِيُّ استحضره الملك هولاكو خان الزين الحافظى وهو سليمان بْنِ
عَامِرٍ الْعَقْرَبَانِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالزَّيْنِ الْحَافِظِيِّ، وَقَالَ لَهُ قَدْ ثَبَتَ عِنْدِي خِيَانَتُكَ، وَقَدْ كَانَ هَذَا الْمُغْتَرُّ لَمَّا قَدِمَ التَّتَارُ مَعَ هُولَاكُو دِمَشْقَ وَغَيْرَهَا مَالَأَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَآذَاهُمْ وَدَلَّ عَلَى عَوَرَاتِهِمْ، حَتَّى سَلَّطَهُمُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِأَنْوَاعِ الْعُقُوبَاتِ وَالْمَثُلَاتِ وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً 6: 129
أغرى التّتار فنازلوا الموصل ومعهم صاحب ماردين، ونصبوا عليها المجانيق وضايقوها، ولم يكن بها سلاح ولا قوُتٌ كثير، فَغَلا السِّعر، واستنجد الملك الصالح بالبرلي، فَنَجَده من حلب، فسار إلى سنْجار، فعزمت التّتار على الهرب، فوصل إليهم الكلب الزَّين الحافظي وأخبرهم بأن البرلي في طائفةٍ قليلة، وشجّعهم، فسارت إليه التّتار وهم فِي عشرة آلاف
فهو زِنْدِيق، خدم المَلك الحافظَ صاحبَ جَعْبَر بالطّبّ، وإليه يُنْسَب، ثمّ خدم الملك النّاصر يوسف، وارتفعت منزلته، وأُعطي إمْرةً وطبلخاناه من التّتار .وكان من أهل اللغة والأدب  وممن صحح " صحاح الجوهريّ "
 ومن أَعَانَ ظَالِمًا سُلِّطَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَنْتَقِمُ مِنَ الظَّالِمِ بِالظَّالِمِ ثُمَّ يَنْتَقِمُ مِنَ الظَّالِمِينَ جَمِيعًا، نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ مِنَ انْتِقَامِهِ وَغَضَبِهِ وَعِقَابِهِ وَشَرِّ عِبَادِهِ.
ولكن إخوتي أخواتي ، يَحْكِي عَنْ بِشْرِ بْنِ الْحَارِثِ , قَالَ: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتْحَفَ عَبْدَهُ , سَلَّطَ عَلَيْهِ مَنْ يَظْلِمُهُ»
ولنحذر فقد كان سَهْلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ المروزي ، يَقُولُ: «مَا مِنْ سَاعَةٍ إِلَّا وَاللَّهُ تَعَالَى يَطَّلِعُ فِي الْقُلُوبِ، فَأَيُّ قَلْبٍ رَأَى فِيهِ غَيْرَهُ سَلَّطَ عَلَيْهِ الْعَدُوَّ»
-----------
-         البداية والنهاية – ابن كثير
-         تاريخ الإسلام - الإمام الذهبي (15/ 53)
-         جزء حنبل بن إسحاق (ص: 123)
-         الأربعون في شيوخ الصوفية للماليني (ص: 126)
-------
-         أتحف نفسه بزيارة المواقع الأثريّة: أسعدها، سرّها، متَّعها "أتحفونا بأروع ما لديهم من أشعار".
-         الطبلخانة : الطبول ويقال لها الدبادب والبوقات والزمر الذي يضرب به عشية كل ليلة بباب الملك وخلفه إذا ركب في المواكب ونحوها وهي المعبر عنها بالطبلخاناه وهي من شعار الملك القديم


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق