الأحد، 31 مارس 2024

السلطة والرعية ومن أخلاق الملوك

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

السلطة والرعية ومن أخلاق الملوك

يحكى ان أحد سلاطين الهند كان له وزير مجرب وخبير بتقلب الزمان وحوادثه، وكان السلطان  لا يتخذ قراراً إلا بعد الاستئناس برأيه لرجاحة عقله وحسن تدبيره، وكانت أمور السلطنة سائرة بصورة منتظمة، والشعب ينعم بالاستقرار والطمأنينة. ثم توفي السلطان، وانتقلت السلطة الى ولده، وكان هذا معجباً بنفسه ومعتداً برأيه ولا يلتفت الى وزير أبيه ولا يأخذ بمشورته. فقيل له: إن اباك ما كان يقطع امراً بنفسه إلا بعد مشاورة الوزير، فقال: كان ابي مخطئاً، فقال اه احدهم اختبره لنرى فيما إذا كان اهلا للاستشارة أم لا! فأرسل اليه وقال له: أيها الوزير أخبرني أيهما أغلب على الرجل الطبع أو الادب؟ فقال الوزير: الطبع أغلب لأنه أصل والادب فرع! إلا ان السلطان كان يخالفه في رأيه، وأراد ان يثبت خطأ ما ذهب إليه، فدعاه الى سفرة الطعام والشراب واحضر له سنانير بإديها الشموع، فوقفوا حول تلك السفرة وقال للوزير :أنظر خطأك في قولك الطبع يغلب! فقال الوزير: أمهلني الى الليلة المقبلة. ثم ذهب الوزير إلى داره فقال لغلامه: امسك لي فأراً اربطه بخيط برجله، فأتاه الغلام بفأر في رجله خيط، فأخذه في كمه ومضى الى السلطان، فلما حضرت السفرة أقبلت السنانير بأيدهم الشموع، وتبعت الفأرة فكاد البيت يحترق بالنار جميعه. فقال الوزير: أنظر أيها السلطان كيف غلب الطبع على الأدب ورجع الفرع الى أصله! قال: صدقت ايها الوزير، فرجع إلى رأيه كما كان يفعل أبوه.
 قال ميمون بن مهران: قال لي عمر بن عبد العزيز: يا ميمون احفظ عني أربعا: لا تصحبن السلطان، وإن أمرته بالمعروف ونهيته عن المنكر . وقيل للعتابي: لم لا تصحب السلطان على ما فيك من الأدب، قال: لأني رأيته يعطي عشرة آلاف في غير شيء، ويرمي من السور في غير شيء، ولا أدري أي الرجلين أكون. أما هرمز بن نرسي لمّا دنت وفاته وامرأته حامل بسابور  عقد التاج على بطنها. وقام الوزراء بتدبير المملكة حتى ولد. وأغار العرب على نواحي فارس في صباه، فلما أدرك انتخب من أهل النجدة وأوقع بالعرب فنهكهم بالقتل. ثم خلع أكتاف سبعين ألفا فسمي ذا الأكتاف. وأمرهم حينئذ بإرخاء الشعور، ولبس المصبغات والأزر، وأن يسكنوا بيوت الشعر، وأن لا يركبوا الخيل إلّا اعراء. وكان سعيد بن العاصي بن أمية إذا اعتم لم يعتم قرشي إعظاماٌ له ، وكان الحجاج إذا وضع على رأسه طويلة لم يجترئ أحد من خلق الله أن يدخل عليه في مثلها.

وعبد الملك: إذا لبس الخف الأصفر لم يلبس أحد مثله حتى ينزعه.

يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا

يا رب فرج عن الشام وأهل الشام

ــــــــــــــــــ

ربيع الأبرار ونصوص الأخيار  - الزمخشري (5/ 187)

نهاية الأرب في فنون الأدب (15/ 154)

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق