السبت، 4 يونيو 2022

شجرة التين المقدسة وقبسات تاريخية مكانتها عند الشعوب غير المسلمة

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

شجرة التين المقدسة وقبسات تاريخية

مكانتها عند الشعوب غير المسلمة

قال الإمام الرازي : إنَّ الْمُرَادَ مِنَ التِّينِ وَالزَّيْتُونِ هَذَانِ الشَّيْئَانِ الْمَشْهُورَانِ، ونقل عن ابْنُ عَبَّاسٍ قوله : هُوَ تِينُكُمْ وَزَيْتُونُكُمْ هَذَا . ولقد كتبت مرة عن أنواع التين في بلدي معرة النعمان بن بشير الأنصار وأنواعه كثير . فهو يعد من الفاكهة وفوائده غنية عن التعريف . وصل الاهتمام بها عند بعض الشعوب إلى درجة القداسة وكانت سببا في بعض الحروب بين الدول الكبرى قديما . الفيلسوف اليوناني زينون كان يرى أن أكل التين خير علاج لكثير من الآلام الجسدية والاضطرابات العصبية . وكان شعراء اليونان يعدون التين مصدرا للإلهام . كما أن المصارعون في روما ، لا يأكلون غيره أثناء استعدادهم لمباريات المصارعة . والرومان كانوا يعدون التين خير غذاء لمن يريد أن يكتسب القوة والسمنة . ويروون أن الحاكم ( كانون ) كان يمنع الخبز عن عماله ويقدم لهم التين . وبما أرض الشام تعد الموطن لهذه الشجرة فقد قامت الحرب بين اليونان والفرس للاستيلاء على البلاد الشرقية التي تنتج التين . ومن أنواع التين البنغالي حيث تبدأ الشجرة حياتها كنباتات عالقة، تنمو فوق نباتات أخرى، إذ تغرس بذورها في أغصان أشجار أخرى، ثم تنبت جذورا تتمدد وتتفرع حتى تحجب الشمس عن الشجرة المضيفة. ثم تنمو الجذور لأسفل حتى تترسخ في التربة، ولهذا يطلق عليها الأشجار "الخنّاقة".

وشجرة التين البنغالي ضخمة وتعتبر شجرة مقدسة في الهند، وهي الشجرة القومية للهند. كذلك تعتبر من الأشجار الأكثر توفيراً للظل في العالم، حيث يستظل بظلها ما يقارب 10000 إنسان . ولا غرو أنها المكان المفضل للراجلين والمسافرين والناس البسطاء في الهند، حيث تعقد تحتها الاجتماعات الرسمية وغير الرسمية، وهي مكان بارد يلجأ إليه الناس والسياح وراكبي الدراجات والأحصنة من قيظ النهار ولقضاء قيلولة طبيعية التكييف. وتشكل أشجار التين البنغالي المتشابكة الموجودة في ولاية أندرا براديش بالهند، أكبر مساحة ظليلة في العالم، من بينها شجرة "تيماما ماريمانو" التي يغطي ظلها وحدها مساحة 19107 متر مربع، وهي تعتبر بمفردها أكبر شجرة ظليلة في العالم، إذ يبلغ القطر الإجمالي لانتشار ظلها 846 متر. ولشجرة التين أسطورتها الخاصة، إذ يعتقد الهندوس أن امرأة تدعى ثيماما أدت مراسم "ساتي"- أي ألقت بنفسها على المحرقة في جنازة زوجها المتوفى- في عام 1433، في نفس المكان الذي نمت فيه الشجرة. وتقول الأسطورة إن زوجها قضى نحبه بعد معاناة من مرض الجذام، ولم تتحمل ثيماما، التي قطعت على نفسها عهدا بأن تظل وفية لزوجها للأبد، آلام فقدان زوجها. ويقال إن أحد الأعمدة التي كانت تدعم المحرقة ضربت بجذورها في الأرض، وسمحت لثيماما بالتحول إلى شجرة وأن تصبح إلهة. ولهذا يعتقد الكثيرون أن للشجرة قدرات روحانية، وأنها تهب للزوجين العقيمين القدرة على الإنجاب. وفي الهند يخلع الحجيج أحذيتهم قبل الدخول في رحاب الشجرة المقدسة. ثم يدخلون إلى قلب الشجرة، حيث يصلون للإله ناندي، حارس ضريح تذكاري لثيماما، وبخلاف أسطورة ثيماما، يتداول السكان الكثير من القصص الأخرى حول الشجرة، إذ يقال مثلا إن المعبد الأبيض في سفح الجبل المواجه للشجرة كان مقرا لعبادة الإله شيفا، وكانت تؤدى فيه طقوس التوبة. ويعتقد السكان أن الإله فيشنو يستمتع بالاسترخاء فوق شجرة التين البنغالي الضخمة. ويعتقد الكثيرون أن حشود الزوار الذين يصلون في هذا الموقع ساهموا على مر العصور في شحن الشجرة بالطاقة الإيجابية التي ساعدتها على النمو. وفي كل عام يقف الآلاف تحت الشجرة في العيد الوطني للإله شيفا، لتأدية صلوات وطقوس خاصة لمدة أربعة أيام.

وسبحان الله الله الخالق العظيم

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ـــــــــــــــــــ

قصة الحضارة - ويليام جيمس ديورَانت

مجلة الفيصل

 





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق