الثلاثاء، 25 مايو 2021

الغميصاء أُمَّ سُلَيْم بِنْت ملحان رَضِيَ اللَّه عَنْهَا امرأة كان مهرها الإسلام

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

الغميصاء أُمَّ سُلَيْم بِنْت ملحان رَضِيَ اللَّه عَنْهَا

امرأة كان مهرها الإسلام

الغميصاء. ويقال الرميصاء. وقيل سهلة. ويقال رميلة. ويقال بل اسمها أنيفة. ويقال رميثة. الأنصارية الخزرجية، تزوجها مالك بن النضر فولدت أنس بن مالك خادم النبي صلّى اللَّه عليه وسلم.

حين دخل الإسلام المدينة المنورة كانت نحو الأربعين من عمرها، وكان زوجها مالك بن النَّضر يسبغ عليها من وارف حبِّه، وظليل وداده لصفات تحلت بها مما ملأ حياتها نضرةً ورغدًا وكان أهل «يثرب» يغبطون الزَّوج السَّعيد على ما تتحلَّى به امرأته من رجاحة العقل، وبعد النَّظر، وحسن التَّبعُّل . أسلمت على يدي مصعب بن عمير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَكَانَ زوجها غَائِباً فَقَالَ: أَصَبَوْتِ فَقَالَتْ: مَا صَبَوْتُ وَلَكِنِّي آمَنْتُ! وكان لمالكٍ صنمٌ من خشبٍ يعبده من دون الله، فكانت تحاجُّه في أمره قائلةً:

أتعبد جذع شجرةٍ نبت في الأرض التي تطؤها بقدميك، وترمي فيها فضلاتك؟! أتدعو- من دون الله- خشبةً نجرها لك حبشيُّ من صنَّاع المدينة؟!. وَجَعَلَتْ تُلَقِّنُ أَنَساً: قُلْ لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ قُلْ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُوْلَ اللهِ فَفَعَلَ. فَيَقُوْلُ لَهَا أَبُوْهُ: لاَ تُفْسِدِي عَلَيَّ ابْنِي. فَتَقُوْلُ: إِنِّي لاَ أُفْسِدُهُ! ولمَّا ضاق الزَّوج ذرعاً بحجج زوجته الدَّامغة رحل عن المدينة ومضى هائماً على وجهه متَّجهاً نحو بلاد الشام فَلَقِيَهُ عَدُوٌّ لَهُ فَقَتَلَهُ: فَقَالَتْ: لاَ جَرَمَ لاَ أَفْطِمُ أَنَساً حَتَّى يَدَعَ الثَّدْيَ وَلاَ أَتَزَوَّجُ حَتَّى يَأْمُرُنِي أَنَسٌ. فَخَطَبَهَا أَبُو طَلْحَةَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ فَأَبَتْ. عَنْ أَنَسٍ قَالَ: خَطَبَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ فقالت: والله ما مثلك يردُّ يا أبا طلحة، ولكنَّك رجلٌ كافرٌ وأنا امرأةٌ مسلمةٌ، ولا يحل لي أن أتزوَّجك، فإن تسلم فذاك مهري ولا أريد منك صداقًا غير الإسلام.

فقال: دعيني حتَّى أنظر في أمري. ومضى . ولمَّا كان الغد عاد إليها وقال: أشهد أن لا إله إلاَّ الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله. فقالت: أما وإنَّك قد أسلمت، فقد رضيتك زوجاً ... فجعل النَّاس يقولون: ما سمعنا بامرأة قط كانت أكرم مهراً من أمٍّ سليم إذ كان مهرها الإسلام. وفي سفر لأبي طلحة مات له طفل فقالت لأهلها: لا تحدثوا أبا طلحة بابنه حتى أكون أنا أحدثه قال: فجاء فقربت إليه عشاء، فأكل وشرب، ثم تصنعت له أحسن ما كان تصنع قبل ذلك، فوقع بها، فلما رأت أنه قد شبع وأصاب منها، قالت: يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوما أعاروا عاريتهم أهل بيت، فطلبوا عاريتهم، ألهم أن يمنعوهم؟ قال: لا، قالت: فاحتسب ابنك، قال: فغضب، وقال: تركتني حتى تلطخت، ثم أخبرتني بابني فانطلق حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره بما كان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بارك الله لكما في غابر ليلتكما»

قال: فحملت، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وهي معه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا أتى المدينة من سفر، لا يطرقها طروقا، فدنوا من المدينة، فضربها المخاض فاحتبس عليها أبو طلحة، وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يقول أبو طلحة: إنك لتعلم، يا رب إنه يعجبني أن أخرج مع رسولك إذا خرج، وأدخل معه إذا دخل، وقد احتبست بما ترى، قال: تقول أم سليم: يا أبا طلحة ما أجد الذي كنت أجد، انطلق، فانطلقنا، قال وضربها المخاض حين قدما، فولدت غلاما فقالت يا أنس لا يرضعه أحد حتى تغدو به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح احتملته، فانطلقت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فصادفته ومعه ميسم، فلما رآني قال: «لعل أم سليم ولدت؟» قلت: نعم، فوضع الميسم، قال: وجئت به فوضعته في حجره، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعجوة من عجوة المدينة، فلاكها في فيه حتى ذابت، ثم قذفها في الصبي، فجعل الصبي يتلمظها، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انظروا إلى حب الأنصار التمر» قال: فمسح وجهه وسماه عبد الله . لقد كان من شأن أمِّ سليمٍ أنها أحبَّت رسول الله صلوات الله وسلامه عليه حبًا خالط منها اللَّحم والعظم، وسكن في حبَّة القلب. وقد بلغ من حبِّها له ما حدَّث عنه ابنها أنسٌ . فعن أنس بن مالك، قال: دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم ، فعرق، وجاءت أمي بقارورة، فجعلت تسلت العرق فيها، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين؟» قالت: هذا عرقك نجعله في طيبنا، وهو من أطيب الطيب . ومن شواهد حبِّها لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه وهي كثيرةٌ وفيرةٌ، أن ابنها أنساً كانت له ذؤابةٌ تنوس على جبينه، فرغب إليها زوجها أن تقصَّها له بعد أن طالت فأبت ذلك؛ لأنَّ النَّبيَّ صلوات الله وسلامه عليه كان كلَّما أقبل عليه أنسٌ مسح رأسه بيده ومسَّ ذؤابته المدلاَّة على جبينه. شهدت يوم أحد تسقي العطشى وتداوي الجرحى مع عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها. وكذلك شهدت حنينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَ نِسَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُنَّ يَسُوقُ بِهِنَّ سَوَّاقٌ. قَالَ: فَأَتَى عَلَيْهِنَّ النَّبِيُّ فَقَالَ: يَا أَنْجَشَةُ رُوَيْدَكِ سَوْقُكِ بِالْقَوَارِيرِ .

وهذه صورة من صور نسائنا

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا ببركة الصالحات من نسائنا

ـــــــ

الطبقات الكبرى – ابن سعد (8/ 312)

صحيح مسلم (4/ 1909)

شعب الإيمان (8/ 442)

سير أعلام النبلاء – الإمام الذهبي (3/ 531)

 

الغميصاء و الرميصاء : من أسماء نجم الشعرى وغمص أغمض العين وفتحها أي لا تكذب

رميلة : أي بعيدة عن التزييف

رميثة : الرمث نبات ورميثة الأرض المنبتة للرمث

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق