صَبِيحَةٌ مُبارَكَة
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
من سلفنا قصة وعبرة
المجنون العاقل
الحوار نشاط إنساني لا غنى للبشر عنه، يتحاور الناس في
موضوعات شتى ولأغراض متعددة، ولعل أكثر الحوارات «سخونة» و«حساسية» هي تلك التي
يمتلك فيها المتحاورون وجهات نظر مختلفة أو مواقف متباينة. أو يكونوا من سويات
فكرية متباينة . وكثير من المتحاورين يرى عيوب صاحبه، ولا يرى عيوب نفسه، مع أنه
قلما تجد عيبًا من عيوب الحوار إلا ويتحمل وزره كلا الطرفين، أحدهما بدأه والآخر
لم يستوعبه بالعقل والحكمة، بل تعامل معه بانفعال وتأزُّم، فزاد الطين بِلة! ومن
هنا يجب على كل محاور أن يفتش عن عيوبه ويسعى في إصلاحها، سواء كانت فعلاً أو ردة
فعل.
حكى ثمامة بن أشرس قال بعثني هارون الرشيد إلى دار المجانين
لأصلح ما فسد من حالهم فلما دخلت عليهم رأيت فيهم شاباً حسن الزي نظيف الصورة ، كأنه
صحيح العقل ، يرى عليه آثار اللطف وتفوح منه شمائل الفطنة، فدنت منه وسألته عن
مسائل فأجابني عنها جميعها بأحسن جواب. فتعجبت منه عجباً شديداً.
ثم قال سألتني عن أشياء فأجبتك . وإني سائلك عن مسائل . فقلت
نعم
قلت وما هي؟ قال: متى يجد النائم لذة النوم؟ ففكرت ساعة، ثم قلت:
يجد لذة حال نومه.
فقال الشاب : حالة النوم ليس له إحساس.
فقلت : قبل الدخول في النوم.
فقال الشاب: كيف توجد لذته قبل وجوده.
فقلت : بعد النوم.
فقال: أتوجد لذته وقد انقضى؟ فتحيرت وزاد إعجابي
فقال مسألة أخرى قلت وما هي ؟ قال إنك تزعم أن لكل أمة نذيراً
فما نذير الكلاب ؟ قلت لا أدري !
فقال أما الجواب عن المسألة الأولى فالجواب عنها فإنها محال
لأن النوم داء ولا لذة مع وجود الداء وأما المسألة الثانية وأخرج من كمه حجراً
وقال إذا عدا عليك كلب فهذا نذيره ورماني بالحجر فأخطأني وأصاب الاسطوانة فلما رآه
قد أخطأني قال فاتك النذير يا أيها الكلب الحقير فعلمت أنه مجنون وأن عقله مصاب
فتركته وانصرفت وقنعت من الغنيمة بالإياب
ــــــــــــــــــــــــــ
غرر الخصائص الواضحة – الوطواط (ص: 166)
نوادر الخلفاء = إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس
(ص: 151)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق