الثلاثاء، 31 أكتوبر 2023

أخشى أن يذهب ماء وجهي ومن عجائب الصبر من صبر السلف وصور من صبر سيدنا نوح وسيدنا إبراهيم عليهما السلام

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

أخشى أن يذهب ماء وجهي

ومن عجائب الصبر

من صبر السلف وصور من صبر سيدنا نوح وسيدنا إبراهيم عليهما السلام

طالما أن عاقبة الصبر الجنة فلا عجب من أحوال الصابرين ، ليكون الجزاء بقدر البلاء ، وهنا أقول أعجب ما حال أهلنا في غزة صبرهم . فكل الأخبار تشير إلى قدرات عجيبة من الصبر على المكاره في زمن عز فيه الصبر

قيل: إن رجلا كان يضرب بالسياط ويجلد جلدا بليغا، ولم يتكلم ويصبر ولم يتأوه، فوقف عليه بعض مشايخ الطريقة فقال له: أما يؤلمك هذا الضرب الشديد؟ فقال: بلى، قال: لم لا تصيح؟ فقال: إن في هؤلاء القوم الذين وقفوا عليّ صديقا لي يعتقد في الشجاعة والجلادة وهو يرقبني بعينه، فأخشى إن ضجيت يذهب ماء وجهي عنده ويسوء ظنه بي، فأنا أصبر على شدة الضرب وأحتمله لأجل ذلك. قال الشاعر:

على قدر فضل المرء تأتي خطوبه ... ويحمد منه الصّبر مما يصيبه

فمن قلّ فيما يلتقيه اصطباره ... لقد قلّ فيما يرتجيه نصيبه

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ نُوحًا كَانَ يُضْرَبُ ثُمَّ يُلَفُّ فِي لِبَدٍ فَيُلْقَى فِي بَيْتِهِ يَرَوْنَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَدْعُوهُمْ، حَتَّى إِذَا يئس من إيمان قومه جاءه رجل معه ابْنُهُ وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصًا، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ انْظُرْ هَذَا الشَّيْخَ لَا يَغُرَّنَّكَ، قَالَ: يَا أَبَتِ أَمْكِنِّي مِنَ الْعَصَا، فَأَمْكَنَهُ فَأَخَذَ الْعَصَا ثُمَّ قَالَ: ضَعْنِي فِي الْأَرْضِ فَوَضَعَهُ، فَمَشَى إِلَيْهِ بِالْعَصَا فَضَرَبَهُ فَشَجَّهُ شَجَّةً مُوضِحَةً فِي رَأْسِهِ، وَسَالَتِ الدِّمَاءُ، فَقَالَ نُوحٌ:" رَبِّ قَدْ تَرَى مَا يَفْعَلُ بِي عِبَادُكَ فَإِنْ يَكُ لَكَ فِي عِبَادِكَ خَيْرِيَّةٌ فَاهْدِهِمْ وَإِنْ يَكُ غَيْرُ ذَلِكَ فَصَبِّرْنِي إِلَى أَنْ تَحْكُمَ وَأَنْتَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ"

ذكر أهل التفسير أنهم حبسوا إِبراهيم عليه السلام في بيت ثم بنَوا له حَيْراً طول جداره ستون ذراعاً إِلى سفح جبل منيف، ونادى منادي الملك: أيها الناس احتطبوا لإِبراهيم، ولا يتخلفنَّ عن ذلك صغير ولا كبير، فمن تخلَّف أُلقي في تلك النار، ففعلوا ذلك أربعين ليلة، حتى إِن كانت المرأة لتقول: إِن ظفرتُ بكذا لأحتطبنّ لنار إبراهيم، حتى إذا كاد الحطب يساوي رأس الجدار سدوا أبواب الحَيْر وقذفوا فيه النار، فارتفع لهبا، حتى إن الطائر ليمرُّ بها فيحترق من شدة حرِّها، ثم بنَوا بنياناً شامخاً، وبنَوا فوقه منجنيقاً، ثم رفعوا إِبراهيم على رأس البنيان، فرفع إِبراهيم رأسه إِلى السماء، فقال: اللهم أنت الواحد في السماء، وأنا الواحد في الأرض، ليس في الأرض أحد يعبدك غيري، حسبي الله ونعم الوكيل فقالت السماء والأرض والجبال والملائكة: ربَّنا إِبراهيمُ يُحرَق فيكَ، فائذن لنا في نصرته فقال: أنا أعلمُ به، وإِن دعاكم فأغيثوه فقذفوه في النار وهو ابن ست عشرة سنة، وقيل: ست وعشرين، فقال: «حسبي الله ونعم الوكيل» .

يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا

يا رب فرج عنا ما نحن فيه من بلاء

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ـــــــــــــ

المستطرف في كل فن مستطرف (ص: 316)

تفسير القرطبي (9/ 43)

زاد المسير في علم التفسير – ابن الجوزي (3/ 200)



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق