الجمعة، 16 يونيو 2023

لمسات بيانية في نصوص من التنزيل سؤال: ما الفرق في استخدام كلمة الأنعام في الآيات في سورة الحج (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28)) (وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30)) (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ (34)) ؟

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

ولمسات بيانية في نصوص من التنزيل 

سؤال: ما الفرق في استخدام كلمة الأنعام في الآيات في سورة الحج (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28)) (وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30)) (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ (34)) ؟

يقول الدكتور فاضل أحسن الله جزاءه : قسم من اللغويين فرّق بين بهمية الأنعام فقالوا بهيمة الأنعام ما أُلحِق بالأنعام. الأنعام هي البقر والغنم والمعز والإبل (ثمانية أزواج) . البهيمة من ذوات الأرواح، ما لا عقل له، تسمى بهائم. البهيمة أعمّ والأنعام جزء منها. البهيمة كل ما له روح ولا عقل له حتى الوحوش والأنعام بهائم. فكلمة بهيمة أعمّ. (بهيمة الأنعام) عندنا عموم وخصوص، (بهيمة الأنعام) قسم من أهل اللغة قالوا هي ما ماثل الأنعام وأدخلوا بها الظباء وبقر الوحش (ألحقوها إلحاقاً) هي مما يؤكل فقالوا هذه من المُلحَق وكل مجترّ قالوا يدخل في بهيمة الأنعام. كل ما يماثل الأنعام في الاجترار وعدم الأنياب قالوا هو بهيمة الأنعام وليس الأنعام، يعني الظباء بهيمة الأنعام، بقر الوحش بهيمة الأنعام، كل ما يجترّ وليس له ناب مما يؤكل دخل في بهيمة الأنعام.

وهنالك أمر آخر من حيث اللغة في رأيي: بهمية الأنعام إضافة العام (البهيمة) إلى الخاص (الأنعام) كما نقول يوم الخميس: اليوم عام والخميس خاص، شهر ورمضان الشهر عام ورمضان خاص، كتاب النحو، علم الفقه، شجر الأراك، إضافة العام إلى الخاص وهذا من أساليب العربية وموجود في القرآن (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) هذا من إضافة العام إلى الخاص. لماذا ورد هنا؟ لماذا أضاف هنا العام إلى الخاص؟ نرجع للآيات التي ذكرها قال تعالى (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) الحج) وآية أخرى مشابهة لها (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ (34) الحج) هو يتكلم عن أيام الحج، ذِكر الله وذِكر أسماء الله في أيام الحج فقط على هذه أو عام؟ هو ذِكر عام ليس فقط على بهيمة الأنعام وإنما الذكر في الحج أمر شائع (فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ (198) البقرة) (فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا (200) البقرة) (وَاذْكُرُواْ اللهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ (203) البقرة) وقال هنا (على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) تحديداً فأضاف عاماً إلى خاص، هذه حالة خاصة. الذكر عامٌّ في الحج وذكر الله عامّ في الحج وهنا قال (على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) إذن هذا خاص بعد عامّ. العامّ ذكر الله والخاص (على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) إذن هنا جاء بأمر عام بعده خاص. ذِكر اسم الله عامّ، على ما رزقهم خاص لأن ذكر الله في أيام الحج هو عامّ. لكنه في الآية ذكر (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) الحج) إذن ذكر خاصاً بعد عام وبهيمة الأنعام خاصٌ بعد عامّ. نفسها الآية الأخرى (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ (34) الحج) ذِكر اسم الله عام وهو قال (على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) صار خاصاً. خاص بعد عامّ وبهمية الأنعام خاص بعد عامّ.

لكن لما ذكر الأنعام (وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30)) ليس فيها ذكر ولا شيء لأن الكلام في الأنعام تحديداً. أما في الأولى (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) خاص بعد عام وكل خاص بعد عامّ جاء (بهمية الأنعام) خاص بعد عامّ. هذه مناسبة فنية عجيبة في اللغة وهذا من باب التناسب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - محاضرات - الدكتور فاضل صالح السامرائي  (ص : 1042  )




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق