الأحد، 19 فبراير 2023

ولا يوم الطين ومن حياة السلف الأندلس لنا مثل – المعتمد ابن عباد - خمارويه من سياسة المرء لنفسه أن يحسب للزمان وتقلباته حسابا

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

ولا يوم الطين

ومن حياة السلف الأندلس لنا مثل – المعتمد ابن عباد - خمارويه

من سياسة المرء لنفسه أن يحسب للزمان وتقلباته حسابا

قال سيدنا أبو بكر رضي الله عنه: إني لأبغض أهل بيت ينفقون رزق أيام في يوم واحد. وهذا حال المسرفين على أنفسهم الذين لا يضعون في حسابهم لنوائب مكان

المعتمد أخبار مأثورة خصوصاً مع زوجته أمّ أولاده الرميكية الملقّبة باعتماد، وقد روي أنّها رأت ذات يوم بإشبيلية نساء البادية يبعن اللبن في القرب وهنّ رافعات عن سوقهنّ في الطين، فقالت له: أشتهي أن أفعل أنا وجواريّ مثل هؤلاء النساء، فأمر المعتمد فسحقت أشياء من الطيب، وذرت في ساحة القصر حتى عمته، ثم نصبت الغرابيل، وصب فيها ماء الورد على أخلاط الطيب، وعجنت بالأيدي حتى عادت كالطين وخاضتها مع جواريها. وغاضبها في بعض الأيام، فأقسمت أنها لم تر منه خيراً قط، فقال: ولا يوم الطين فاستحيت واعتذرت، وهذا مصداق نبينا صلى الله عليه وسلم في حق النساء " لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط ".

في العصر العباسي فقد صنع أحد الخلفاء لزوجه أو محظيته بحيرة من المسك أو الكافور، تدوس فيها هي وصاحباتها، وفي مصر في عهد خمارويه أيام الدولة الطولونية، أخذ خمارويه يغرق إلى أذنيه في النعيم، فزاد في عمارة قصر أبيه، وجعل الميدان الذى أمامه بستانا وزرع فيه أنواع الرياحين والورود وأصناف الشجر وكسا النخل نحاسا تخرج من عيونه المياه وتنحدر إلى فساقىّ يفيض الماء منها إلى مجار تسقى سائر البستان، وسرّح فيه طيورا حسنة الصوت وطواويس مختلفة، وجعل لنفسه مجلسا سماه دار الذهب طلا حيطانه بالذهب واللازود وجعل فيه تماثيل أو صورا بارزة لحظاياه ومغنياته وعلى رؤوسهن الأكاليل من الذهب والجواهر المرصعة. وجعلت في هذا البستان بين يدى القصر فسقية من الزئبق طولها خمسون ذراعا وكذلك عرضها، كان يرى لها في الليالي المقمرة منظر عجيب حين يتألف نور القمر بنور الزئبق. واتخذ خمارويه بيوتا للسباع وغيرها من الوحوش سوى الإصطبلات الواسعة للخيل. وكانت حلبات السباق في أيامه تقوم مقام الأعياد، ويقال إن عرض الخيل حينئذ كان من عجائب دار الإسلام. ومما يدل على ما وصلت إليه الدولة من ثراء جهاز ابنته قطر النّدى حين زوّجها الخليفة العباسي المعتضد، وكان من جملته دكة تتألف من أربع قطع من الذهب عليها قبة من الذهب مشبكة بها أقراط في كل قرط حبة من جواهر لا يعرف لها قيمة، وكان في الجهاز مائة هاون من الذهب، وبنى خمارويه-كما مرّ بنا-قصر في كل منزل تنزل به ابنته من مصر إلى بغداد.

والخليفة العباسي مات خنقاُ أما خمارويه فقُتل في دمشق، حيث إنه في أحد الأيام خرج بِعساكر مِصر إلى الشام استعداداً لِإحدى المعارك، ونزل بِدمشق فأقام بها مدة يسيرة، وذات مساء قُتل بيد بعض خدمه في فراشه .

وعاش ابن عباد حياة في ذل بعد أن سيطر المرابطون على اشبيلية حتى اقتيد المعتمد وعائلته أسرى من إشبيلية، وأُخِذُوا إلى المغرب حيث قرَّر يوسف بن تاشفينَ نفيهم، فمكثوا أولاً في طنجة لفترةٍ وجيزة، وقد أورد ابن الطوسي في كتابه الاستبصار فيما اختلف من الأخبار أنه نقل أيضاً إلى قلعة فازار في جبال المغرب، ثم إلى أغمات، حيث قضى آخر أيام حياته في الأسر بظروفٍ مزرية ومعاملة سيئة

ولنا مع ابن عباد وقفة أخرى بإذن الله تعالى

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ــــــــــــــــــــــــــــ

محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء- الراغب الأصفهاني (1/ 579)

نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب – المقري التلمساني(4/ 272)

الاستبصار فى عجائب الامصار  - ابن الطوسي(1/ 187)

تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف (7/ 47)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق