الخميس، 16 فبراير 2023

مقتطفات من وثيقة الضمان الاجتماعي في خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

مقتطفات من وثيقة الضمان الاجتماعي في خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه

الضمان الاجتماعي وهو مسؤولية الحاكم تجاه المجتمع عن طريق اتخاذ جملة من التدابير اللازمة التي تضمن الحياة الكريم لأفراده . وفي أيام البلاء هذه ما أحوجنا لما فعله ووجه إليه سيدنا علي رضى الله عنه .

وفي عهد خلافة سيدنا علىّ ابن أبى طالب رضى الله عنه نجد أهم وثيقة كتبها ووجهها إلى مالك بن الحارث الأشتر حين ولّاه مصر، فأحببت أن أورد جزءا منها لطولها لأن مثل هذا العهد لا يهمل مراجعته :

هذا ما أمر به عبد الله علىّ أمير المؤمنين إلى مالك بن الحارث الأشتر في عهده إليه حين ولاه مصر: جباية خراجها، وجهاد عدوّها، واستصلاح أهلها، وعمارة بلادها، أمره بتقوى الله وإيثار طاعته واتّباع ما أمر به في كتابه من فرائضه وسننه التي

لا يسعد أحد إلا باتّباعها، ولا يشقى إلا بالعدول عنها؛ وأن ينصر الله تعالى بيده وقلبه ولسانه، فإنه جلّ اسمه قد تكفّل بنصر من نصره وإعزاز من أعزّه؛ وأمره أن يكسر نفسه عند الشهوات ولم يردعها عند الجمحات ، فإن النفس لأمّارة بالسوء. ثم اعلم يا مالك أنى قد وجّهتك إلى بلاد قد جرت عليها دول قبلك من عدل وجور، وأن الناس ينظرون من أمورك في مثل ما كنت تنظر فيه من أمر الولاة قبلك، ويقولون فيك ما كنت تقول فيهم. وإنما يستدلّ على الصالحين بما يجرى الله لهم على ألسن عباده. فليكن أحبّ الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح. فاملك هواك وشحّ بنفسك عما لا يحلّ لك؛ فإن الشّحّ بالنفس الإنصاف منها فيما أحبّت وكرهت. وأشعر قلبك الرحمة للرعيّة والمحبّة لهم؛ والطف بهم، ولا تكوننّ عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم ؛ فإنهم صنفان: إما أخ في الدّين، وإما نظير لك في الخلق، يفرط منهم الزّلل وتعرض لهم العلل ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ؛ فأعطهم من صفحك وعفوك مثل الذى تحبّ أن يعطيك الله من عفوه وصفحه، فإنّك فوقهم، ووالى الأمر عليك فوقك؛ والله فوق من ولّاك؛ وقد استكفاك أمرهم .

ومنها : وليكن أبعد رعيّتك منك وأشنؤهم عندك أطلبهم لعيوب الناس، فإن في الناس عيوبا الوالي أحقّ بسترها، فلا تكشفنّ عما غاب عنك منها، فإنما عليك تطهير ما ظهر لك، والله حكم على ما غاب عنك منها. فاستر العورة ما استطعت يستر الله ما تحبّ ستره من عيبك. أطلق عن الناس عقدة كلّ حقد، واقطع عنهم سبب كل وتر، وتغاب عن كل ما لا يصحّ لك. ولا تعجلنّ إلى تصديق ساع، فإن الساعي غاشّ وإن تشبّه بالناصحين.

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

نهاية الأرب في فنون الأدب - الدينوري(6/ 19)

 

صوافي جمع صافية: أرض الغنيمة. أي التي ليس لها مالك خاص

الجمحات : أن يركب المرء هواه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق