الأربعاء، 8 يونيو 2016

من ظن أنه يستغني عَنِ التعلم فليبك عَلَى نفسه

من ظن أنه يستغني عَنِ التعلم فليبك عَلَى نفسه
وشيء من سيرة الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان بن ثابت
إلى من تصدى للفتوى اليوم
الفتوى تحتاج لمفتي يفتي لك بالفتوى
كَانَ أَبُو يوسف مريضا – وهو من طلاب أبي حنيفة -  شديد المرض، فعاده أَبُو حنيفة مرارا، حتى زاره فوجده قد ثقل عليه المرض فاسترجع وقال: كنت أؤملك للمسلمين بعدي ، ولئن أصيب الناس بك ليموتن معك علم كثير، ثُمَّ رزق اللَّه أبا يوسف العافية، وأخبر بقول أبي حنيفة فِيهِ، فظن في نفسه أن أضحى أهلا للفتيا فعقد لنفسه مجلسا فِي الفقه دون إذن أبي حنيفة وانصرفت وجوه الناس إِلَيْهِ، ، وانقطع عَنْ لزوم مجلس أبي حنيفة، فسأل عنه فأخبر أنه قَدْ عقد لنفسه مجلسا، وأنه بلغه كلامك فِيهِ، فدعا رجلا كَانَ لَهُ عنده قدر فَقَالَ: صر إِلَى مجلس يعقوب فقل له: ما تقول في رجل دفع إِلَى قصار ثوبا ليقصره بدرهم فصار إِلَيْهِ بعد أيام فِي طلب الثوب، فَقَالَ لَهُ القصار: مالك عندي شيء. وأنكره ، ثُمَّ إن صاحب الثوب رجع إِلَيْهِ، فدفع لَهُ الثوب مقصورا
أله أجره؟
فإن قَالَ لَهُ أجرة، فقل أخطأت، وإن قَالَ لا أجرة له فقل أخطأت
فصار الرجل إلى أبي يوسف فسأله فقال أَبُو يوسف:
لَهُ الأجرة.
فَقَالَ: أخطأت. فنظر ساعة ثُمَّ قَالَ: لا أجرة لَهُ.
فَقَالَ: أخطأت.
فقام أبو يوسف من ساعته، فأتى أبا حنيفة فَقَالَ لَهُ: مَا جاء بك إلا مسألة القصار. قَالَ: أجل قَالَ: سبحان اللَّه، من قعد يفتي الناس وعقد مجلسا يتكلم فِي دين اللَّه وهذا قدره لا يحسن أن يجيب فِي مسألة من الإجارات.
فَقَالَ: يا أبا حنيفة، علمني. فَقَالَ: إن قصره بعد غصبه فلا أجرة لَهُ ، لأنه قصره لنفسه، وإن كَانَ قصره قبل أن يغصبه فله الأجرة، لأنه قصره لصاحبه، ثُمَّ قَالَ: من ظن أنه يستغني عَنِ التعلم فليبك عَلَى نفسه
المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (8/ 130)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق