صَبِيحَةٌ مُبارَكَة
إخوَتِي أَخَوَاتِي
التفاضل بين الناس في مغالبة طبائع السوء
ومن السيرة العطرة وحياة السلف نتعلم
التفاضل لا يمكن أن يقع في أصل النشأة والتكوين، بأن يكون
هناك فرد أفضل من غيره، أو جماعة تفوق غيرها بحسب عنصرها الإنساني، أو انحدارها من
سلالة معينة، بل إن آدم - عليه السلام وهو أول إنسان وجد على وجه الأرض - يساوي
آخر إنسان ينفخ فيه الروح في تلك القيمة الإنسانية
ذكر العلامة ابن الجوزي رحمه الله في كتابه زاد المسير عند
الحديث عن سبب نزول الآية أنه عند فتح مكة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالا أن
يصعد على ظهر الكعبة ليؤذن فلما سمعه الحارث بن هشام قال: أما وجد محمد غير هذا
الغراب الأسود مؤذنا، فنزلت الآية : (يَا أَيُّهَا
النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً
وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ
اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات:13) .قال الحارث بن هشام: أما وجد محمد غير هذا الغراب الأسودِ
مؤذِّناً؟!
روي أن رجلا كان من الفقهاء من أهل بغداد، وكان ممن يسار إليه
في العلم والصلاح، وكان شيخا كبيرا فاضلا: كنت يوما ماشيا في بعض الأزقة، وإذا
برجل نصراني قد لصق بي، فقلت له: ابعد عني عليك لعنة الله. فقال: ولم؟ قلت له: أنا
خير منك. فالتفت النصراني، وقال: ما يدريك أنك خير مني، وهل تدري ما عند الله
تعالى حتى تقول هذا الكلام؟.
وقد بلغني بعد ذلك أن هذا الرجل النصراني قد أسلم وحسن
إسلامه، ولزم العبادة، فعاقبني الله تعالى من أجل ذلك ما رأيتم. برعي الخنازير ثم
عافاني ، نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة.
محمد بن أبان
ـــــــــــــ
زاد المسير في علم التفسير (4/ 153)
العقد الفريد (2/ 164)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق