السبت، 21 ديسمبر 2024

« ابْنِ آدَمْ حَيُول» ومن حكايا السلف نتعلم

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إخوَتِي أَخَوَاتِي

« ابْنِ آدَمْ حَيُول»

ومن حكايا السلف نتعلم

وفي المعرة بيقولو عندو حيلة أو أشو ما عندك حيلة ، واحتال أي صرف ذهنه وفطنته للحصول على وسائل النجاح والكلمة في معناها متسع والمُحتالٌ بَصِيرٌ بتَقْليبِ الأُمور والقصد هنا الخلاص من مأزق ، والحياة اليوم مليئة بالمآزق والخوف من القادم هاجس يؤرق الناس ، وهنا يفرض الواقع نفسه ليلزم الناس للتحايل في واقع مر عصيب ، ويبقى الإنسان سيد من تحايل للخلاص من أخلاط الدهر ومآسيه . وللمثل الذي قدمت حكاية وعبرة فابْنِ آدَمْ حَيُول أي : واسع الحيلة .قالوا في أصله : إنه كان هناك أسد كبير السن رزق بشبل على كبر سنه فكان - شفيقاً عليه ، فكان كثيراً ما يدعو له ويقول : أسأل الله تعالى أن يكفيك - يا بني . شر ابن آدم والطريق ، وعندما بلغ الشبل أشدَّهُ أعجب بقوته ، وأخذ يسأل عن ابن آدم هذا ، وهل هو كبير الحجم كالفيل حتى يخاف منه عليه ، فكان الأسد يجيب : لا ، يا بني ، إن ابن آدم ليس كبير الحجم ، وليس شديد القوة ، ولكنه حيول . قالوا : ففي ذات ليلة تسلل الشبل - بدون علم والده – وقصد مكاناً قريباً من إحدى القرى، وجلس على قارعة الطريق حيث حذره والده ، منتظراً قدوم ابن آدم . قالوا : وبينما هو كذلك إذ بصر بجرم كبير قادم ، فنهض لاستقباله وإذا به بعير، فسأله هل أنت ابن آدم ؟! فأجابه : لا ، ولكنني هارب من ابن آدم ، ألا ترى كيف أدمى ظهري وقرح جلدي. واستنفذ قوتي ، فأنا هارب منه . فسأله الشبل : ولماذا لم تنتقم منه هل هو أكبر منك حجماً ؟ فأجاب البعير : لا ، إنه ليس أكبر مني حجماً ولا أعظم قوة ، ولكنه حيول . ثم حانت من البعير التفاتة ، فرأى شبح صاحبه مقبلاً فأسرع بالحرب قائلاً للشبل : ها هو قادم ، ولن أضيع معك وقتاً يتمكن به من اعتقالي ثم ولى هارباً .

أما الشبل فقد سر برؤية ابن آدم خاصة عندما رآه صغير الحجم ، لا تبدو عليه القوة ، ثم عدا عليه ، ولما أصبح ابن آدم بين يديه أخذ يتأمله ويضحك ، فسأله الرجل : لماذا تضحك مني ؟ . فأجاب الشبل : لأن والدي كان حذرني منك ، فكنت أتخيلك ضخماً كبير الجسم ، عظيم القوة ، ولكنك خلاف ذلك ، بحيث أشعر أن ضربة واحدة من يدي ستحيلك إلى أشلاء !

ولكن الرجل لم يضطرب ، وإنما أجاب الشبل بقوله : ( إنني أراك مرحاً ، تحب الفكاهة والتسلية ، وأعتقد أن إبقاءك علي بعض الوقت فيه التسلية لك ولن يفوتك من أمري شيء فأنا كما ترى لا أستطيع العدو مثلك ، ولا أستطيع مغالبتك ، ولدينا

نحن بني آدم ألعاب نسلي بها الحيوانات والأسود، قبل أن تقتلنا ، وإذا أذنت لي أريتك إحداها قالوا : فَسُرَّ الشبل ، لأن هذه أول مرة يرى فيها ابن آدم. وأمره بممارسة إحدى ألعابه. وكان مع الرجل عِقال أعده للبعير قوي ، فشد إحدى يديه ورجليه بالعقال ، وأخذ يرقص ، ويتمايل ، فسر الشبل بتلك الرقصة ، وأعجب بها ، وطلب المزيد وما زال الرجل يُغير من رقصاته ، والشبل يزداد سروراً حتى سأل الرجل : ولكن كيف تعلمتم معشر الآدميين تلك الرقصات التي لا نحسنها نحن الأسود ؟ ! . فأجاب الرجل : إن بإمكاني أن أعلمك إحداها وأنت تعلمها أبناء جنسك . فوافق الشبل ، وهنا تقدم الرجل فربط إحدى رجلي الشبل مع إحدى يديه ربطاً قوياً ثم قال له : الآن فلترقص ، وذهب وتركه ، ثم عاد إليه ، ومعه سيفه وأخذ ينخسه ، ويخزه في كل مكان من جسمه ، حتى تركه يسبح في بركة من الدم ، وعلى حالة من الضعف لا يستطيع معها أن يعمل شيئاً. ثم قال له الرجل : لولا إكرامي لوالدك ذلك الأسد الحكيم لقضيت عليك الآن ولكن اذهب إليه ، وأنت على حالتك تلك ، ولا تخالف أوامر والدك مرة أخرى. قالوا : وعندما رأى الأسد شبله هكذا قال : ألم أكن أدعو الله يا بني أن يكفيك شر ابن آدم والطريق : إن ابن آدم حيول، قالوا : فذهبت مثلاً . فحيل ابن آدم في الحياة كثيرة والموت يقطع حيلة المحتال

يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا

يا رب فرج عن الشام وأهل الشام

ـــــــــــــ

الأمثال العامية في نجد محمد ناصر العبودي

 

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق