الأربعاء، 20 ديسمبر 2023

 صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
هذه أرضي وهذا وطني – مدينة الرصافة سوريا
الرصافة: لؤلؤة بادية الشام
تقع الرصافة على الطريق الرابط بين محافظتي حلب-الرقة على بعد ثلاثين كيلومترًا من مدينة (الرقة) في شمال سورية على الفرات, خمسة وسبعين كيلومترًا عن (قصر الحير) الشرقي احتلها العرب الغساسنة لأهمية موقعها ، وقد أصبح اسمها سرجيوبوليس في العصرين الروماني والبيزنطي، وتبدو واحة خضراء وحضارة عظيمة وتاريخ قديم جدا وشعوب متنوعة توارثتها.وقد كان لها تاريخ عريق عبر العصور, فسُمّيت بعهد الآشوريين في القرن التاسع قبل الميلاد: (RASAPPA), تنازع عليها اليونان والفرس, ثم أصبحت لها قلاع منيعة تحميها من غزوات الساسانيين قبل أن تصبح من المدن التابعة لمملكة (تدمر),
والرصافة التي تعني الحجر البراق الذي لم ينضج جيولوجيا، كانت تسمى باليونانية سرجيوبوليس، والتي فسرت على أنها مدينة سرجيوس وهو شفيع النصارى العرب، في حين ذكرت المدينة بالعديد من المدونات التاريخية القديمة، ومنها المدونات الآشورية، تشير بعض المصادر إلى إمكانية ورود ذكرها في التوراة تحت اسم «رصف».
وقد جاء أسمها بصيغة راصف، ثم تحوّل فيما بعد إلى الراسابة، ثم الرّصافة وهو ضمُّ الشيء إلى الشيء، كما يُرصفُ البناء، وقد دُعيت حسب موقع «سورية السياحية» بعد القرن الرابع سرجيوبوليس، أي مدينة سرج، أو سرجيس، نسبةً إلى سانت سرجيس الذي قتل فيها نحو سنة 305 على عهد ديوقلتيانوس.
وتكمن أهمية الرصافة تاريخيا بموقعها الجغرافي الواقع على طريق القوافل القديم، وهو الطريق الذي يُخلّف الفرات، في موقع سوار، ويسير باتجاه البحر المتوسط ماراً بتدمر ودمشق. ويعود تاريخ الرصافة إلى القرن التاسع قبل الميلاد، عندما قام الآشوريون ببناء معسكر للجيش، وكانت مجرد بؤرة استيطانية صحراوية محصنة للدفاع ضد الإمبراطورية الساسانية. والرصافة تقع في منطقة مشتعلة بالحروب الرومانية- الفارسية، ما جعلها تتمتع بحماية دفاعية قوية وأسوار ضخمة تحيط بها دون انقطاع. كما كان بها قلعة، إلا أن الرصافة عانت من ندرة المياه الجارية والينابيع، ما جعل قاطنيها يعتمدون على الصهاريج الكبيرة لتجميع مياه الأمطار في الشتاء والربيع. ي العصر الأموي أقام فيها الخليفة هشام بن عبد الملك 691 م – 743 م، وهو من أبرز خلفاء بني أمية، وبدت كعاصمة الدولة، إذ أضحت بعد الإضافات العمرانية والتطوير التي أشرف عليها الخليفة الأموي منتجعا صيفيا، لتبدو آنذاك وكأنها جنة وسط الصحراء في البادية السورية. في حين تشير بعض المصادر إلى أن الخليفة مكث فيها هربا من الطاعون الذي انتشر في دمشق، فيما أسكن عائلته، في قرية الهني والمري وهما ساقيتان جرهما من نهر الفرات إلى قرية واسط مقابل الرقة. ولم يمكث الخليفة الأموي، إذ سرعان ما يغادرها إلى البادية، ليقيم في القصر الذي يحمل اسم قصر الحير الذي يعد كمدينة متكاملة، وقصر الحير عبارة عن قصرين، قصر كبير ذو شكل مربّع، يمتدّ على مساحة تبلغ الـ 11200 متر مربّع، ويبلغ 170 متراً طول ضلعه، في حين أن القصر الصغير، فشكله مربع أيضا، إلاَ أنه غير منتظم، وطوله 70 متراً، محاط بأسوار حجرية مدعومة بـ 12 برجاً نصف دائري، ولعل أكثر ما يميزه هو المدخل الوحيد فيه، والقوس الذي يتوسطه، بينما تفصل بين القصرين مئذنة مربعة الشكل بارتفاع عشرة أمتار، وهي ذات مدخل جنوبي ودرج حلزوني دائري. وقام بن عبد الملك بتشييد قصرين فيها، اكتشف أحدهما جراء عمليات التنقيب عن آثارها، وهو ما جعل الرصافة تحمل اسم الخليفة وتُعرف بـ «رصافة هشام» كما أن للأمير عبد الرحمن الداخل تاريخ مع الرصافة، بعد أن كانت سببا في نجاته من الموت، حيث اختبأ عند تجمع من البدو العرب على أطرافها، ثم غادرها نحو دمشق قبل التوجه إلى الأندلس حيث أسس هناك دولة جديدة للأمويين فيها سميت الدولة الأموية في الأندلس. تعرضت الرصافة لأقسى عمليات الهدم والتدمير الكلي على يد التتار إبان هجماتهم على المنطقة ككل، وذلك بعد أن وصلت أخبار جرائم هولاكو في بغداد إلى سكان الرصافة غادروها وبقيت الرصافة عندئذ مهجورة وخاوية على عروشها لتبدو مبانيها الضخمة كأنها تتحدث عن أمجادها.
يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا
يا رب فرج عن الشام وأهل الشام
ــــــــــــــــ
الرصافة لؤلؤة بادية الشام - بشير زهدي
مجلة العربي الكويتية





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق