الأربعاء، 13 ديسمبر 2023

هذه أرضي وهذا وطني سعير فلسطينية بلدة حرّمتها التوراة واستباحها الاحتلال!

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

هذه أرضي وهذا وطني

سعير فلسطينية بلدة حرّمتها التوراة واستباحها الاحتلال!

بين القدس ومَدافن الأنبياء في الخليل ، تحط بلدة سعير بجبالها المرسومة بالعنب والزيتون، وسَعِير بفتح أولها وكسر ثانيها، التي تقوم على موقع بلدة صَعير أو صَيعور، وهي كلمة كنعانية تعني «صغير»، وترجح المراجع التاريخية أن اسمها يعود إلى جد سكان المنطقة «سعير الحوري» الذي سكنها قبل الكنعانيين. وفي العهد الروماني أضحت «سيور» مشتقة من «سار» الأرامية وتعني الصخر الشاهق، ويشيع بين الناس أن سعير هي النار ولهيبها، وذكرت في المراجع العبرية سِعير بكسر السين نسبة للنبي العيص الذي سكنها وتعني الشعر الكثيف. هنا عاش الحوريون ثم الكنعانيون فالأدوميون، وأصبحت جزءاً من أرض أدوم والتي تعني «أحمر» في إشارة إلى النبي العيص أو عيسو الذي كان لونه أحمر. وجاء في العهد القديم – سفر التكوين -: «هؤلاء بنو سعير الحوري سكان الأرض وهؤلاء هم الملوك الذين ملكوا في أرض أدوم قبلما مَلَك مَلِكٌ لبني إسرائيل». وتوجد دلائل العصر الحديدي الأول والثاني في الفترة الفارسية في منطقة رأس الطويل، قام الأردنيون وبعدهم الإسرائيليون بعمليات تنقيب، ليتبين وجود مدينة مسورة، مما قد يعني أنه مفتاح المواقع في سعير. وفي البلدة قبور رومانية هي عبارة عن حجرات في الصخر، توضع فيها الجثث، وبعد أن تتحلل تنقل بقاياها إلى صناديق حجرية ويعاد استخدام الحجرات، المقبرة تستخدم إلى يومنا هذا على الطريقة الإسلامية طبعاً.

وفيها جامع النبي «العِيص»، وهي بلدة ملعونةٌ محرمٌ دخولها على اليهود  كما جاء في التوراة، أو حتى قِتال سكانها، فقد سكنها «العيص» الأخ التوأم للنبي يعقوب أبناء النبي إسحق عليهم السلام، وهذه محرّمات وقفت عاجزةً أمامَ استباحة الاحتلال للبلدة؛ قتلاً، واقتحاماً، ومصادرة لأراضيها، وهدماً لمنازلها. تمسك اليهود بالوصية الدينية جزئياً فلم يسكنها الإسرائيليون ربما، إلا أنهم أحاطوها بالاستيطان

حرام على اليهود دخولها
ذُكرت سعير في الإنجيل والتوراة، ففي سفر التثنية (33 - 2): «جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبل فاران»،  ووفق التوراة فقد طلب الله منهم ألا يحاربوا بني عيسو أو العيص لأنهم أخوة (2 - 4): «وأوصى الشعب قائلًا: أنتم مارون بتخم إخوتكم بني عيسو الساكنين في سعير، فيخافون منكم، فاحترزوا جدًا. لا تهجموا عليهم. لأني لا أعطيكم من أرضهم ولا وطأة قدم، لأني لعيسو قد أعطيت جبل سعير ميراثًا». وجاء أيضاً (1-42): «فَقَالَ الرَّبُّ لِي: قُلْ لَهُمْ: لاَ تَصْعَدُوا وَلاَ تُحَارِبُوا، لأَنِّي لَسْتُ فِي وَسَطِكُمْ لِئَلاَّ تَنْكَسِرُوا أَمَامَ أَعْدَائِكُمْ. (1-43) فَكَلَّمْتُكُمْ وَلَمْ تَسْمَعُوا بَلْ عَصَيْتُمْ قَوْلَ الرَّبِّ وَطَغَيْتُمْ، وَصَعِدْتُمْ إِلَى الْجَبَلِ» أي جبل سعير، وأيضاً (1-44): «وَكَسَرُوكُمْ فِي سِعِيرَ إِلَى حُرْمَةَ. (1-45) فَرَجَعْتُمْ وَبَكَيْتُمْ أَمَامَ الرَّبِّ، وَلَمْ يَسْمَعِ الرَّبُّ لِصَوْتِكُمْ وَلاَ أَصْغَى إِلَيْكُمْ».
وهكذا لم يسكنها الإسرائيليون إلى اليوم، وبنوا مستوطنتين على أرض الشيوخ المحاذية «متساد أصفر» عام 1983 ومستوطنة «متساد شمعون» عام 1991، لكن هذا لا يعني أنهم لم يصادروا مئات الدونمات من سعير لتوسيع الاستيطان... شيء من التحايل على التوراة، فالسكن يختلف عن التوسع... سبحان الله! فحلال ذبحها! تهاجمها القوات الإسرائيلية ليلاً وتطلق نيرانها، تغلق شوارعها بالسواتر الترابية وتوزع اخطارات الهدم، وهدم المنازل الواقعة في المناطق التي تعود لمعتقلي السجون الإسرائيلية

نساء سعير تبدع النساء في الاستفادة من العنب ، فهو ليس فاكهة أو وجبة غداء، فالنساء «السعيريات» يحولن العنب إلى دبس وزبيب وعِنَّبية وهي مربى العنب، الذي لشدّة حلاوته الطبيعية يتم طبخه بلا حاجة لإضافة السكر بخلاف أنواع المربى الأخرى، وعَنْ طَبيخ «مربى عصير العنب»، وطبق حلو اسمه «الشدّة» وهو مكون من دبس وسبعة بهارات وقمح محمص وزيت زيتون بلدي حُرْ تطبخ جميعها لسبع ساعات، وتقدم للمرأة المرضعة، كما أنها إجمالاً تمنح الجسد طاقة تكفي ليوم كامل، طاقة يحتاجونها لقضاء يوم كامل في الزراعة.
مقلوبة «العنب»... المنوّمة!
والبلدة تشتهر باللحوم، فيذبحون عشرات الأغنام في أعراسهم، ولا يعرفون وجبة للضيف غير المنسف المزين بقطع كبيرة من لحم الخروف، استطعت لأول مرة في التاريخ أن أتذوق فيها وجبة أخرى، رفضت مسبقاً كل دعوات الغداء، فكانت نهاية الجولة في منزل عائلة نضال، وإذ بمقلوبة ورق عنب والكوسة تهبط مثل طائرة تأتي نجدة للجوعى! نعم هذا هو موسم العنب، وهذه هي الوجبة المكررة، فمرة باللحم ومرة بالدجاج ومرة بالكوسة ومرة بالباذنجان .

يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا
يا رب فرج عن الشام وأهل الشام
ـــــــــــ

المصدر مجلة العربي الكويتية
مواقع الكترونية مختصة









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق