السبت، 25 مارس 2023

لمن يعاني ضنك العيش من حياة الإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله نتعلم

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

لمن يعاني ضنك العيش

من حياة الإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله نتعلم

عَنِ ابْنِ خِيرَةَ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: جَزَاءُ الْمَعْصِيَةِ الْوَهْنُ فِي الْعِبَادَةِ، وَالضِّيقُ فِي الْمَعِيشَةِ، وَالتَّعَسُّرُ فِي اللَّذَّةِ. قِيلَ: وَمَا التَّعَسُّرُ فِي اللَّذَّةِ؟ قَالَ: لَا يُصَادِفُ لَذَّةً حَلَالًا إِلَّا جَاءَهُ مَنْ يُنَغِّصه إِيَّاهَا. وقالت الحكماء: أقل الدنيا يكفي، وأكثرها لا يكفي. وقد أخذ ذلك أبو فراس فقال:

ما كل ما فوق البسيطة كافياً ... وإذا قنعت فكل شيء كافي

جاء رجل إلى الإمام أبو حنيفة النعمان ابن ثابت رحمه الله وهو في مجلس علمه يشكوا له ضيق الحال وكيف أن ما يكسبه لا يكفيه فقال له الإمام وكم تكسب من أجر في الأسبوع فقال الرجل خمسة دراهم فقال له اذهب إلى رب عملك وأخبره أن يعطيك أربعة دراهم فتعجب الرجل وتعجب الطلاب من حول الإمام ولكن الرجل شكر الإمام وذهب.

وعاد الرجل بعد أسبوعين للإمام يشكوا ضيق الحال وعدم كفاية ما يكسب فقال له الإمام هل أخبرت صاحب عملك بأن يجعل أجرك أربعة دراهم فقال الرجل : فعلت يا إمام ، وسأله الإمام وهل فعل فقال نعم حتى أنه سر بذلك أشد السرور ولكنها لا تكفي وهي لم تكن بخمسة دراهم تكفي يا إمام . فقال له الإمام اذهب إليه وقل له أن يجعلها ثلاثة دراهم ؟؟ ثلاثة فقط وتعجب الحضور من طلابه ولكنها ثقتهم بإمامهم من دفعتهم لحث الرجل على السمع والطاعة فذهب الرجل وقال أسمع وأطيع إنشاء الله ومرت الأيام ومرت الشهور وصدف بعد عام ونصف أن رأى أحد تلامذة الإمام نفس الرجل بالسوق فقال له السلام عليكم هل تعرفني ؟ فقال الرجل نعم ألست أحد تلامذة الإمام أبا حنيفة فقال بلى أين أنت وما هي أخبارك فقال بخير والحمد لله فقال له التلميذ ألم تكن تشكوا ضيق الحال فقال بلى ولكني سمعت قول الإمام وأخبرت صاحب العمل أن يجعل أجري ثلاثة دراهم ، وهي من يومها تكفيني بل وتزيد عن حاجتي أحياناً فتعجب التلميذ وقال للرجل يا هذا أتهذي كيف لا تكفيك وهي خمسة دراهم وتفيض عن حاجتك وهي ثلاثة فقط فقال له الرجل ألست من تلاميذ الشيخ فقال بلى فقال الرجل فاذهب إلى شيخك واسأله  عن ذلك وتركه وأنصرف فلم يتمالك التلميذ أن وصل إلى حلقة الإمام وأخبره عن الرجل الذي جاء يشكوا ضيق الحال وكيف أن الدراهم الثلاث الآن تكفيه وسأل الإمام كيف يكون ذلك يا إمام؟ فقال الإمام أبو حنيفة : إن الرجل كان يظهر على وجهه الصلاح والتقوى وحيث أن ما يكسبه لم يكن يكفيه علمت أنه يكتسب أكثر من ما يستحق فكان أن ينفد ماله لآن الله لا يبارك له فيه فلما أنقص المال حتى بات يستحق أجره بحق بارك الله له في ماله وزكاه وكثره بالبركة فأصبح الرزق القليل يكفيه ويزيد . واليوم ترى بعض يكد صباح مساء والشكوى من ضيق الحال تلازمه . ليس أهلا للتعليم وتراه مدير مدرسة . ومشرفا في تعهد بناء . وو.. عدة أعمال لا يتقن أقلها . وأعرف بالمعرة رجلا ( مدرساً ) أقام الدنيا وأقعدها ليكون مديرا لثانويتين ، وكان له ما أراد ، ومدارس المعرة كانت تستبعده لفشله في تدريس اختصاصه ، لا بل في قيادة طلابه في صف واحد .

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ــــــــــــــ

تفسير ابن كثير (6/ 508)

شرح مقامات الحريري (2/ 107)

حدائق الأزاهر  - القيسي (ص: 80)

وقديما قالوا : من أصاب مالا من نهاوش أذهبه الله في نهابر - النهاوش: المظالم. والنهابر: المهالك


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق