صَبِيحَةٌ مُبارَكَة
إخوَتِي أَخَوَاتِي
والرجالِ مَخَابِرٌ
مَا هُمْ بِمَنَاظِرْ
ومن حياتنا وحياة
السلف لنا مثل
تتيح هذه الأيام
الفرصة للكثيرين في ادعاء ما لم يحدث . وكلمة أنا تكاد لا تفارق الشفاه ، بطولات
منسوبة وآراء مدعاة : أنا فعلت ، وأنا قلت امتصاصا لخيرات مرجوة وستر لعيوب لا
يمكن سترها ، وفي المثل الذي قدمت به أقول : المخابر جمع مخبر ، أي : أن الرجال
بمخابرهم ، وليسوا بمناظرهم . وأكتفي بذكر حديث شريف ، عن أبي هريرة، قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر
إلى قلوبكم وأعمالكم»
دخل كثير عزة عَلَى
عبد الملك بْن مروان، رحمه الله، فقَالَ عَبْد الملك بن مروان: أأنت كثير عزة؟ قَالَ:
نعم، قَالَ: أن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، فقَالَ: يا أمير المؤمنين، كل عند
محله رحب الفناء، شامخ البناء، عالي السناء، ثم أنشأ يَقُولُ:
تري الرجل النحيف
فتزدريه ... وفى أثوابه أسد هصور
ويعجبك الطرير إذا
تراه ... فيخلف ظنك الرجل الطرير
بغاث الطير أطولها
رقابا ... ولم تطل البزاة ولا الصقور
خشاش الطير أكثرها
فراخا ... وأم الصقر مقلات نزور
ضعاف الأسد أكثرها
زئيرا ... وأصرمها اللواتي لا تزير
وقد عظم البعير بغير
لب ... فلم يستغن بالعظم البعير
ينوخ ثم يضرب
بالهواري ... فلا عرف لديه ولا نكير
يقوده الصبي بكل أرض
وينحره عَلَى الترب الصغير
فما عظم الرجال لهم
بزينٍ ... ولكن زينهم كرم وخير
فقَالَ عَبْد الملك:
لله دره، ما أفصح لسانه، وأضبط جنانه، وأطول عنانه ! والله إني لأظنه كما وصف نفسه
وقال آخر :
إنّي على ما تزدري
من دمامتي ... إذا قيس ذراعي بالرجال طويل
قال المأمون لمحمد
بن الجهم: أنشدني بيتا حسنا أولّك به كورة ؛ فقال:
قبحت مناظرهم فحين
خبرتهم ... حسنت مناظرهم لقبح المخبر
فاستزاده، فأنشده:
أرادوا ليخفوا قبره
عن عدوّه ... فطيب تراب القبر دلّ على القبر
وقصة شِقَةَ بنِ
ضَمُرَة مع النعمان بن المُنْذِرِ مشهورة ، وهي أنه دخل على النعمان ، وكان شقة
قصيراً نحيفاً دَمِيماً ، فسأله النعمان : مَنْ أَنْتَ ؟ فقال : أنا شقة . فقال
النعمان : «تَسْمَعُ بالمُعيدي لا أَن تراه» فذهب مثلاً . فقال شِقَّةُ : أَبَيْتَ
اللَّعْنَ إِنَّ الرِّجال لا تُكال بالقفزان ، وَلَيْسَتْ بِمُسُوكٍ يستقى بها من
الغدران . وإنما المرء بأصغريه : قلبه ولسانه ، إذا نطق نطق ببيان ، وإذا قاتل
قاتل بحنان . فأعجب به النعمان وقال : أَنْتَ لَسْتَ شِقَةَ بن ضَمُرَةِ ،
وَإِنَّمَا أَنتَ ضَمُرَةُ بنُ ضمرة
يا
رب عليك بمن تسبب في بلائنا
يا
رب فرج عن الشام وأهل الشام
ـــــــــــ
صحيح مسلم (4/ 1987)
أمالي القالي (1/
46)
الكامل في اللغة
والأدب (2/ 95)
عيون الأخبار (4/
37)
المعيدي : يُضْرَب للرجُل الَّذِي لَهُ صيتٌ وذِكْرٌ فِي
النَّاسِ، فإِذا رأَيته ازدريتَ مَرآتَه
المقلات: التي لا يعيش لها ولد، والنزور: القليلة الولد.
ضمرة : اللطيف
المسوك : الجلد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق