الثلاثاء، 30 أبريل 2024

صور مشرقة من تاريخنا سليمان بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ . فتح خلافته بخير واختتمها بخير : تتمة

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

صور مشرقة من تاريخنا

سليمان بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ . فتح خلافته بخير واختتمها بخير : تتمة

كان مِنْ خِيَارِ مُلُوكِ بَنِي أُمَيَّةَ، وَلِيَ الْخِلافَةَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ستٍ وَتِسْعِينَ بَعْدَ الوليد بالعهد المذكور من أبيه.

روى الحديث قَلِيلا عَنْ أَبِيهِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُنَيْدَةَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ، وَالزُّهْرِيُّ. وَكَانَ فَصِيحًا مُفَوَّهًا مُؤْثِرًا لِلْعَدْلِ، مُحِبًّا لِلْغَزْوِ، وَجَهَّزَ الْجُيُوشَ مَعَ أَخِيهِ مُسْلِمَةَ لِحِصَارِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَحَاصَرَهَا مُدَّةً حَتَّى صَالَحُوا عَلَى بِنَاءِ جامع بالقسطنطينية، وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ سِتِّينَ. وَقَالَتِ امْرَأَةٌ: رَأَيْتُهُ أَبْيَضَ عَظِيمَ الْوَجْهِ مَقْرُونَ الْحَاجِبَيْنِ، يَضْرِبُ شَعْرُهُ مِنْكِبَيْهِ، مَا رَأَيْتُ أَجْمَلَ مِنْهُ. وَلِيَ سُلَيْمَانُ وَهُوَ إِلَى الشَّبَابِ وَالتَّرَفُّهِ مَا هُوَ، فَقَالَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ العزيز: يا أبا حفص، إنا قد ولينا ما تَرَى، وَلَمْ يَكُنْ لَنَا بِتَدْبِيرِهِ عِلْمٌ، فَمَا رَأَيْتَ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ فَمُرْ بِهِ. فَكَانَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ عَزَلَ عُمَّالَ الْحَجَّاجِ، وَأَخْرَجَ مَنْ كَانَ فِي سِجْنِ الْعِرَاقِ، وَمِنْ ذَلِكَ كِتَابُهُ أَنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ قَدْ أُمِيتَتْ فَأَحْيُوهَا وَرُدُّوهَا إِلَى وَقْتِهَا. مَعَ أمورٍ حَسَنَةٍ كَانَ يَسْمَعُ مِنْ عُمَرَ فِيهَا، فَأَخْبَرَنِي مَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ أَنَّ سُلَيْمَانَ هَمَّ بِالإِقَامَةِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَاتَّخَذَهَا مَنْزِلا، ثُمَّ ذَكَرَ مَا قَدَّمْنَا فِي سَنَةِ ثمانٍ وَتِسْعِينَ مِنْ نُزُولِهِ بِقِنَّسْرِينَ مُرَابِطًا. وَحَجَّ سُلَيْمَانُ فِي خِلافَتِهِ سَنَةَ سبعٍ وَتِسْعِينَ. وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: حَجَّ سُلَيْمَانُ، فَرَأَى النَّاسَ بِالْمَوْسِمِ، فَقَالَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَمَا تَرَى هَذَا الْخَلْقَ الَّذِي لا يُحْصِي عَددَهُمْ إِلا اللَّهُ وَلا يَسَعُ رِزْقَهُمْ غَيْرُهُ؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَؤُلاءِ الْيَوْمَ رَعِيَّتُكَ، وَهُمْ غَدًا خُصَمَاؤُكَ. فَبَكَى سُلَيْمَانَ بُكَاءً شَدِيدًا ثُمَّ قَالَ: بِاللَّهِ أَسْتَعِينُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ يَخْطُبُنَا كُلَّ جُمُعَةٍ، لا يَدَعُ أَنْ يَقُولَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا أَهْلُ الدُّنْيَا عَلَى رَحِيلٍ، لَمْ تَمْضِ بِهِمْ نِيَّةٌ وَلَمْ تَطْمَئِنَّ لَهُمْ دَارٌ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، لا يَدُومُ نَعِيمُهَا وَلا تُؤْمَنُ فجائعها، وَلا يُتَّقَى مِنْ شَرِّ أَهْلِهَا. ثُمَّ يَقْرَأُ: {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ} {ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ} {مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ}. وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، افْتَتَحَ خِلَافَتَهُ بِإِحْيَائِهِ الصَّلاةَ لمواقيتها، وَاخْتَتَمَهَا بِاسْتِخْلافِهِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَكَانَ سُلَيْمَانُ يَنْهَى عَنِ الْغِنَاءِ.

يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا

يا رب فرج عن الشام وأهل الشام

ــــــــــــــ

تاريخ بغداد – الخطيب البغدادي (6/ 582)

وفيات الأعيان – ابن حلكان(2/ 423)

بلاغات النساء – ابن طيفور (ص: 103)

تاريخ الإسلام (2/ 1108)

العقد الفريد (4/ 121)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق