الأحد، 30 يونيو 2024

أَبْطَشُ مِنْ دَوْسَرَ مثل عربي وصورة من حياة النعمان بن المنذر

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

أَبْطَشُ مِنْ دَوْسَرَ مثل عربي وصورة من حياة النعمان بن المنذر

قالوا: إن دَوْسر إحدى كَتَائب النعمان بن المنذر ملك العرب، وكانت له خمس كتائب: الرهائن، والصنائع، والوضائع، والأشاهب ، ودوسر، وأما الرهائن فإنهم كانوا خمسمائة رجل رَهَائن لقبائل العرب، يُقِيمون على باب الملك سنةً ثم يجيء بدلَهم خمسُمائة أخرى، وينصرف أولئك إلى أحيائهم، فكان الملكُ يغزو بهم ويُوَجِّههم في أموره. وأما الصنائع فبنو قَيْس وبنو تَيْم اللاَّتِ ابني ثعلبة، وكانوا خَوَاصَّ الملك لا يَبْرَحُون بابه. وأما الوضائع فإنهم كانوا ألفَ رجلٍ من الفُرْس يضعهم ملكُ الملوك بالحِيرة نَجْدَةً لملك العرب، وكانوا أيضاً يقيمون سنةً ثم يأتي بدلَهم ألفُ رجلٍ، وينصرف أولئك. وأما الأشاهب فإخْوَةُ ملك العرب وبنو عمه ومَنْ يتبعهم من أعوانهم، وسموا الأشاهب لأنهم كانوا بيضَ الوجوه. وأما دَوْسَر فإنها كانت أخْشَنَ كتائبه وأشدَّها بطشاً ونكاية، وكانوا من كل قبائل العرب، وأكثرهم من ربيعة، سميت دوسر اشتقاقا من الدَّسْر، وهو الطعن بالثقل، لثقل وطأتها، قال الشاعر:

ضَرَبَتْ دَوْسَرُ فيهم ضربةً ... أثبتَثْ أَوْتاد مُلْكٍ فاستقر

وكان ملك العرب عند رأس كل سنة - وذلك أيام الربيع - يأتيه وُجُوه العرب وأصحاب الرهائن، وقد صير لهم أكلا عنده، وهو ذوو الآكال، فيقيمون عنده شهراً، ويأخذون آكالهم، ويُبَدِّلون رهائنهم، وينصرفون إلى أحيائهم.

يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا

يا رب فرج عن الشام وأهل الشام

ــــــــــ

مجمع الأمثال - الميداني(1/ 118)

 



السبت، 29 يونيو 2024

الطبع غلب التطبع وفي المعرة يقولون : إللي في طبع صعب يتغير من حياة العرب وسيرة الإمام الشافعي – ويهودي صنع فخا . لنا مثل

 

s1a3b7i7ha13777

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

الطبع غلب التطبع

وفي المعرة يقولون : إللي في طبع صعب يتغير

من حياة العرب وسيرة الإمام الشافعي – ويهودي صنع فخا . لنا مثل

وقد ذم النبي صلى الله عليه وسلم أهل القرية الذين أعرضوا عن ضيافة موسى والخضر عليهما السلام، فعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "رحمة الله علينا وعلى موسى، لولا أنَّه عَجِل لرأى العجب... فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية لئامًا" قال القرطبي : وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا سُؤَالُ الضيافة بِدَلِيلِ قَوْلِهِ:" فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما" فَاسْتَحَقَّ أَهْلُ الْقَرْيَةِ لِذَلِكَ أَنْ يُذَمُّوا، وَيُنْسَبُوا إِلَى اللُّؤْمِ وَالْبُخْلِ، كَمَا وَصَفَهُمْ بِذَلِكَ نَبِيُّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ

وقال الإمام الغزالي :والطبع اللئيم يميل إلى اتباع الهفوات والإعراض عن الحسنات بل الى تقدير الهفوة فيما لا هفوة فيه بالتنزيل على مقتضى الشهوة ليتعلل به وهو من دقائق مكايد الشيطان .

قال الشافعي: وكان في طريقه لليمن : نزلت منزلا عند رجل فرأيت أكرم رجل: بعث إلي بعشاء وطِيْب وعلَفٍ لدابتي وفراش ولحاف، فلما أصبحت قلت للغلام: أَسْرِجْ فأسْرَجَ، فركبت ومررت عليه وقلت له: إذا قدمت مكة ومررت بِذِي طُوًى فسل عن منزل محمد بن إدريس الشافعي. فقال لي الرجل: أَمَوْلًى لأبيكَ أنا؟ قلت: لا. قال: فهل كان لك نعمة عندي؟ قلت: لا. قال: فأين ما تكلّفتُ لك البارِحَةَ؟ قلت: وما هو؟ قال: اشتريتُ لك طعاماً بدرهمين وأَدَمًا بكذا، وعطراً بثلاثة دراهم، وعلفاً لدابتك بدرهمين، وكراء الفِرَاش واللحاف درهمان. قال: قلت: يا غلام، أعطه، فهل بقي من شيء؟ قال: كراء المنزل؛ فإني وسعت عليك وضيقت على نفسي. فَغَبَطْتُ نفسي بتلك الكتب. فقلت له بعد ذلك: هل بقى من شيء؟ قال: امض أخزاك الله تعالى، فما رأيت قط شرًّا منك.

روى بعضهم قال كنت في سفر فضللت في الطريق فرأيت بيتاً في الفلاة فأتيته فإذا به أعرابية فلما رأتني قالت من تكون قلت ضيف قالت أهلا ومرحباً بالضيف أنزل على الرحب والسعة قال فنزلت فقدمت لي طعاماً فأكلت وماء فشربت فبينما أنا على ذلك إذا أقبل صاحب البيت فقال من هذا فقالت ضيف فقال لا أهلا ولا مرحباً ما لنا وللضيف فلما سمعت كلامه ركبت من ساعتي وسرت فلما كان من الغد رأيت بيتا في الفلاة فقصدته فإذا فيه أعرابية فلما رأتني قالت من تكون قلت ضيف قالت لا أهلا ولا مرحباً بالضيف ما لنا وللضيف فبينما هي تكلمني إذ أقبل صاحب البيت فلما رآني قال من هذا قالت ضيف قال مرحباً وأهلاً بالضيف ثم أتى بطعام حسن فأكلت وماء فشربت فتذكرت ما مر بي بالأمس فتبسمت فقال مم تبسمك فقصصت عليه ما اتفق لي مع تلك الأعرابية وبعلها وما سمعت منه ومن زوجته فقال لا تعجب إن تلك الأعرابية التي رأيتها هي أختي وإن بعلها أخو امرأتي هذه فغلب على كل طبع أهله.

اليهودي والعصفورة:

روى رجل من ولد أبي بكر الصديق رضوان الله عليه، عن وهب بن منبه قال: نصب رجل من بني إسرائيل فخا، فجاءت عصفورة فنزلت عليه، فقالت: ما لي أراك منحنيا؟ قال: لكثرة صلاتي انحنيت. قالت: فمالي أراك بادية عظامك؟ قال: لكثرة صيامي بدت عظامي. قالت: فمالي أرى هذا الصوف عليك؟ قال: لزهادتي في الدنيا لبست الصوف. قالت: فما هذه العصا عندك؟ قال: أتوكأ عليها وأقضي بها حوائجي. قالت: فما هذه الحبة في يدك؟ قال: قربان إن مر بي مسكين ناولته إياه. قالت: فإني مسكينة! قال: فخذيها. فدنت فقبضت على الحبة، فإذا الفخ في عنقها. فجعلت تقول: قعي قعي. والمعنى : لا غرني ناسك مراء بعدك أبدا.

يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا

يا رب فرج عن الشام وأهل الشام

ـــــــــــــ

صحيح مسلم (4/ 1851)

مناقب الشافعي للبيهقي (2/ 134)

إحياء علوم الدين – الإمام الغزالي (2/ 231)

العقد الفريد (3/ 7)

ثمرات الأوراق في المحاضرات – الأبشيهي (2/ 248)



الجمعة، 28 يونيو 2024

لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - سورة الفاتحة يقول الدكتور فاضل أحسن الله جزاءه : نفتتح الكتاب بسورة الفاتحة تَبَرُّكاً. تتمة (أحمد الله) أو: (نحمد الله) .

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

ولمسات بيانية في نصوص من التنزيل - سورة الفاتحة

يقول الدكتور فاضل أحسن الله جزاءه : نفتتح الكتاب بسورة الفاتحة تَبَرُّكاً.

تتمة (أحمد الله) أو: (نحمد الله) .

(أحمد الله) ، جملة فعلية، و {الحمد للَّهِ} جملة اسمية، والجملة الفعلية دالة على الحدوث والتجدد، في حين أن الجملة الاسمية دالة على الثبوت، كما هو معلوم، وهي أقوى وأدوم من الفعلية، فقولك: (متبصّر) ، أقوى وأثبت من: (يتبصّر) ، و: (مثقف) ، أقوى وأثبت من: (يتثقف) ، و: (متدرب) أقوى وأثبت من: (يتدرب) ، فاختيار الجملة الاسمية أوْلى من اختيار الجملة الفعلية ههنا، إذ هو أدلُّ على ثبات الحمد واستمراره. ومنها: "أن قولنا: {الحمد للَّهِ} معناه: أن الحمد والثناء حقٌّ لله وملكه فإنه تعالى، هو المستحق للحمد بسبب كثرة أياديه وأنواع آلائه على العباد. فقولنا: {الحمد للَّهِ} معناه: إن الحمد لله حقٌّ يستحقه لذاته ولو قال: (أحمد الله) لم يدلّ ذلك على كونه مستحقاً للحمد لذاته. ومعلوم أنَّ اللفظ الدال على كونه مستحقاً للحمد أولى من اللفظ الدال على أن شخصاً واحداً حمده". ومنها: "أن الحمدَ عبارة عن صفة القلب، وهي اعتقاد كون ذلك المحمود مُتفضِّلاً منعماً مستحقاً للتعظيم والإجلال. فإذا تَلفَّظَ الإنسانُ بقوله: (أحمدُ الله) ، مع أنه كان قلبه غافلاً عن معنى التعظيم اللائقِ بجلال الله، كان كاذباً لأنه أخبر عن نفسه بكونه حامداً مع أنه ليس كذلك. أما إذا قال: الحمد لله، سواء كان غافلاً أو مستحضراً لمعنى التعظيم، فإنه يكونُ صادقاً لأن معناه: أن الحمد حقٌّ لله، وملكه، وهذا المعنى حاصل سواء كان العبد مشتغلاً بمعنى التعظيم والإجلال، أو لم يكن. فثبت أن قوله: {الحمد للَّهِ} أَوْلى من قوله: أحمد الله. ونظيره قولنا: (لا إله إلا الله) ، فإنه لا يَدْخلُه التكذيبُ بخلاف قولنا: (أشهدُ أن لا إله إلا الله) ، لأنه قد يكون كاذباً في قوله: (أشهد) ولهذا قال تعالى في تكذيب المنافقين: {والله يَشْهَدُ إِنَّ المنافقين لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1] ".  فثبت أن: {الحمد للَّهِ} أولى من: (أحمد الله) أو: (نحمد الله) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - الدكتور فاضل صالح السامرائي  (ص: 16)



الخميس، 27 يونيو 2024

شذرات من حياة الإمام الأعظم النُّعْمَان بن ثَابت أَبُو حنيفَة رحمه الله ودرس لكل من ظن نفسه قد تعلم

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

 إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

شذرات من حياة الإمام الأعظم النُّعْمَان بن ثَابت أَبُو حنيفَة رحمه الله

ودرس لكل من ظن نفسه قد تعلم

كَانَ أَبُو يُوسُف القاضي فيما بعد مَرِيضا شَدِيد الْمَرَض فعاده أَبُو حنيفَة مرَارًا فَصَارَ إِلَيْهِ آخر مرّة فَرَآهُ ثقيلا فَاسْتَرْجع ثمَّ قَالَ لقد كنت أؤملك بعدِي للْمُسلمين وَلَئِن اصيب النَّاس بك ليموتن مَعَك علم كثير ثمَّ رزق الْعَافِيَة وَخرج من الْعلَّة فَأخْبر أبو يُوسُف بقول أبي حنيفَة فِيهِ فارتفعت نَفسه وانصرفت وُجُوه النَّاس إِلَيْهِ فعقد لنَفسِهِ مَجْلِسا فِي الْفِقْه وَقصر عَن لُزُوم مجْلِس ابي حنيفَة فَسَأَلَ عَنهُ فَأخْبر انه قد عقد لنَفسِهِ مَجْلِسا وانه بلغه كلامك فِيهِ فَدَعَا رجلا كَانَ لَهُ عِنْده قدر فَقَالَ سر إِلَى مجْلِس يَعْقُوب – اسم أبي يوسف - فَقل لَهُ مَا تَقول فِي رجل دفع إِلَى قصار – من يصبغ الثياب - ثوبا ليقصره بدرهم فَسَار إِلَيْهِ بعد أَيَّام فِي طلب الثَّوْب فَقَالَ لَهُ الْقصار مَا لَك عِنْدِي شَيْء وَأنْكرهُ ثمَّ إِن رب الثَّوْب رَجَعَ إِلَيْهِ فَدفع إِلَيْهِ الثَّوْب مَقْصُورا أَله أُجْرَة فان قَالَ لَهُ أُجْرَة فَقل أَخْطَأت وان قَالَ لَا أُجْرَة لَهُ فَقل اخطأت فَسَار إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ ابو يُوسُف لَهُ الاجرة فَقَالَ لَهُ أَخْطَأت فَنظر سَاعَة ثمَّ قَالَ لَا أُجْرَة لَهُ فَقَالَ لَهُ أَخْطَأت فَقَامَ أَبُو يُوسُف من سَاعَته فَأتى أَبَا حنيفَة فَقَالَ لَهُ مَا جَاءَ بك إِلَّا مَسْأَلَة الْقصار قَالَ أجل فَقَالَ سُبْحَانَ الله من قعد يُفْتِي النَّاس وَعقد مَجْلِسا يتَكَلَّم فِي دين الله وَهَذَا قدره لَا يحسن ان يُجيب فِي مَسْأَلَة من الْإِجَارَات  فَقَالَ يَا أبا حنيفَة عَلمنِي فَقَالَ إِن كَانَ قصره بَعْدَمَا غصبه فَلَا أُجْرَة لَهُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا قصره لنَفسِهِ وَإِن كَانَ قصره قبل ان يغصبه فَلهُ الْأُجْرَة لِأَنَّهُ قصره لصَاحبه ثمَّ قَالَ من ظن أَنه يَسْتَغْنِي عَن التَّعَلُّم فليبك على نَفسه

أخبار أبي حنيفة وأصحابه - أبو عبد الله الصَّيْمَري (ص: 29)

الأربعاء، 26 يونيو 2024

دُهْ دُرَّيْنِ سَعْدُ القَيْنُ وَيَأتيكَ بِالأَمثال مَن لَم تُزَوِّدِ

 صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
دُهْ دُرَّيْنِ سَعْدُ القَيْنُ
وَيَأتيكَ بِالأَمثال مَن لَم تُزَوِّدِ
مثل قد تكلم فيه كثير من العلماء، فقيل : الأصل فيه أن العرب تعتقد أن العَجَمَ أهلُ مَكْر وخَديعة، وكان العجم يخالطوهم، وكانوا يَتَّجِرون في الدُّرِّ، ولا يحسنون العربية، فإذا أرادوا أن يُعَبروا عن العشرة قالوا: ده، وعن الاثنين قالوا: دو، فوقع إليهم رجل معه خَرَزَات سود وبيض، فلَبَّسَ عليهم وقال: دُودُرَّيْن، أي نوعان من الدر، أو ده درين، أي قال عشرة منه بكذا، ففتشوا عنه فوجدوه كاذباً فيما زعم، فقالوا: دُهْ درين، ثم ضموا إلى هذا اللفظ "سعد القين" لأنهم عَرَفوه بالكذب حين قالوا: إذا سَمِعْتَ بِسُرَى القَيْن فإنه مُصْبح، فجمعوا بين هذين اللفظين في العبارة عن الكذب، فإذا أرادوا أن يعبروا عن الباطل تكلموا بهذا، ويقال للرجل يُهْزَأ من دُهْ دُرَّيْنِ وطرطبين
ترى كم طرطبين اليوم ؟ ! فالغش لم يعد علامة يعرف بها البعض ، بل أضحى صفة للواقع الذي نعيش فيه ، ننسب قول فلان لعلان ، المهم أن نتكلم ولا ينسب العي إلينا .
شعارات ترفع يقطر الغش من ذيولها
وأشد أشكال الغش أن يبلس لباس الدين
يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا
يا رب فرج عن الشام وأهل الشام
ـــــــــــــــــــــــ
مجمع الأمثال – الميداني (1/ 266)



الثلاثاء، 25 يونيو 2024

صور من هدايا الملوك قديما هدية ملك الصين إلى كسرى أنو شروان

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

ولك أنت تعجب

صور من هدايا الملوك قديما

هدية ملك الصين إلى كسرى أنو شروان

حين تكون الأقوى يسترضيك الضعفاء ، فلقد سيطر أنوشروان على العراق، ووفدت عليه رسل الملوك وهداياها والوفود من الممالك، وكان فيمن وفد اليه رسول لملك الروم قيصر بهدايا وألطاف، ومما يحكى أن صحن القصر كان حالة اعوجاج ويفترض أن يكون مربعاً، فقال رسول ملك الروم ليس الاعوجاج أصلح ، فقيل له: إن عجوزاً لها منزل من جانب الاعوجاج فرغبها في بيعه ، فأبت، فلم يكرهها الملك، عبرت جيوش أنو شروان  إلى الشام فافتتح بها المدن، وكان مما افتتح بلاد حلب وقنَّسْرين وحمص وأفامية، وهي بين أنطاكية وحمص، وسار الى انطاكية وحاصرها، وفيها ابن أختٍ لقيصر، فافتتحها، فهادنه قيصر، وحمل اليه الخراج والجزية، ونقل من الشام المرمر والرخام وأنواع الفسيفساء والأحجار، وحمل ذلك الى العراق، فبنى مدينة نحو المدائن وسماها برومية، وزوَّجه خاقان ملك الترك بابنته وابنة أخيه، وهادنته ملوك السند والهند والشمال والجنوب وسائر الممالك، وحملت اليه الهدايا، ووفدت اليه الوفود خوفاً من صولته وكثرة جنوده وعظم مملكته، ولما ظهر من فعله بالممالك، وقتله الملوك، وانقياده الى العدل، كتب اليه ملك الصين: من فغفور ملك الصين صاحب قصر الدر والجوهر، الذي يجري في قصره نهران يسقيان العود والكافور الذي توجد رائحته على فرسخين، والذي تخدمه بنات ألف ملك، والذي في مربطه ألف فيل أبيض، الى أخيه كسرى أنوشروان، واهدى اليه فرساً من در منضداً، عينا الفارس والفرس من ياقوت احمر، وقائم سيفه من زمرد منضد بالجوهر، وثوب حرير صيني عسجدي فيه صورة الملك جالساً في إيوانه ، وعليه حليته وتاجه، وعلى رأسه الخدم، وبأيديهم المذابُّ، والصورة منسوجة بالذهب، وأرض الثوب لازورد، في سفط من ذهب، تحمله جارية تغيب في شعرها، تتلألأ جمالا، وكتب اليه ملك الهند: من ملك الهند، وعظيم اراكنة المشرق، وصاحب قصر الذهب وأبواب الياقوت والدر، الى أخيه ملك فارس صاحب التاج والراية كسرى أنوشروان، وأهدى اليه الف من مَنِّ عود هندي يذوب في النار كالشمع، ويختم عليه كما يختم على الشمع فتبين فيه الكتابة، وجاما من الياقوت الأحمر فتحه شبر مملوءاً دراً، وعشرة امنان كافور كالفستق واكبر من ذلك، وجارية طولها سبعة أذرع تضرب أشفار عينيها خدها، وكأن بين أجفانها لمعان البرق من بياض مقلتيها مع صفاء لونها ودقة تخطيطها وإتقان تشكيلها، مقرونة الحاجبين لها ضفائر تجرها، وفرشاً من جلود الحيات الين من الحرير واحسن من الوَشي، وكان كتابه في لحاء الشجر المعروف بالكاذي، مكتوب بالذهب الأحمر، وهذا الشجر يكون بأرض الهند والصين وهو نوع من النبات عجيب، ذو لون حسن وريح طيب، لحاؤهُ أرق من الورق الصيني، تتكاتب فيه ملوك الصين والهند، وورد عليه وهو في عسكره محارباً لبعض أعدائه كتاب ملك التبت: من خاقان ملك تبت، ومشارق الارض المتاخمة للصين والهند، الى أخيه المحمود في السيرة والقدر، ملك المملكة المتوسطة للأقاليم السبعة، وأهدى اليه أنواعاً من العجائب التي تحمل من ارض تبت، منها مائة جوشن تبتية، ومائة قطعة تجافيف، ومائة ترس تبتية مذهبة، وأربعة آلاف من المسك الخزائني في نوافج غزلانه.

يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا

يا رب فرج عن الشام وأهل الشام

ـــــــــــــــ

الذخائر والتحف القاضي الرشيد ابن الزبير  ص 4

مروج الذهب ومعادن الجوهر  - المسعودي (1/ 291)

ــــــــــــــــــــــــ

الكَاذِيّ: ضرب من الأدهان

أشفار : أهداب

أركن : الحامي أو السيد

أمنان : من الأوزان

النافجة: واحدة نوافج المسك

الجَوشَنُ اسم الحديد الذي يُلبسُ من السِّلاح.

المنّ: كالعسل حلاوة.



الأحد، 23 يونيو 2024

حين يصحو العقل ومن قصة إسلام خالد بن الوليد بن المغيرة لنا مثل

 صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
حين يصحو العقل
ومن قصة إسلام خالد بن الوليد بن المغيرة لنا مثل
كثر من علم ويقر بالحق إلا أن العناد يدفعهم للجُحُود: والجحود ضدُّ الاقرار ، ففي حالتهم انقياد للأهواء والملذات الآنية وتلك سبيل إبليس ، ففي داخلهم إنكار لماهم عليه ويقين بأنهم على باطل مصداق قول الله تعالى : وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴿١٤﴾سورة النمل وهي حال كل من عرف الحق واتبع الباطل ويمثل الوليد بن المغيرة والد سيدنا خالد أنموذجا لذلك : إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ﴿١٨﴾ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ﴿١٩﴾ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ﴿٢٠﴾ ثُمَّ نَظَرَ ﴿٢١﴾ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ﴿٢٢﴾ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ ﴿٢٣﴾ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ ﴿٢٤﴾ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ ﴿٢٥﴾سورة المدثر . قَالَ الْوَاقِدِيُّ: قصة إسلام قَالَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ بِي مَا أَرَادَ مِنَ الْخَيْرِ قَذَفَ فِي قَلْبِي الْإِسْلَامَ وَحَضَرَنِي رُشْدِي، فَقُلْتُ قَدْ شَهِدْتُ هَذِهِ الْمَوَاطِنَ كُلَّهَا عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَيْسَ فِي مَوْطِنٍ أَشْهَدُهُ إِلَّا أَنْصَرِفُ وَأَنَا أَرَى فِي نَفْسِي أَنِّي مَوْضِعٌ فِي غَيْرِ شَيْءٍ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا سَيَظْهَرُ، فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ خَرَجْتُ فِي خَيْلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَصْحَابِهِ بَعُسْفَانَ، فَقُمْتُ بِإِزَائِهِ . وتعرضت له فصلى بأصحابه الظهر أمامنا فهممنا أَنْ نُغِيرَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ لَمْ يُعْزَمْ لَنَا- وَكَانَتْ فِيهِ خِيَرَةٌ- فَاطَّلَعَ عَلَى مَا فِي أَنْفُسِنَا مِنَ الْهَمِّ بِهِ فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْعَصْرِ صَلَاةَ الْخَوْفِ، فَوَقْعَ ذَلِكَ مِنَّا مَوْقِعًا وقلت الرجل ممنوع فاعتزلنا، وعدل عن سير خَيْلِنَا وَأَخَذَ ذَاتَ الْيَمِينِ، فَلَمَّا صَالَحَ قُرَيْشًا بالحديبية ودافعته قريش بالرواح قَلْتُ فِي نَفْسِي أَيُّ شَيْءٍ بَقِيَ؟ أَيْنَ أذهب الى النجاشي! فقد أسلم ، أم أَخْرُجُ إِلَى هِرَقْلَ فَأَخْرُجُ مِنْ دِينِي إِلَى نَصْرَانِيَّةٍ أَوْ يَهُودِيَّةٍ، فَأُقِيمُ في عجم، ولكنهم لا يريدون قريشا وبيننا وبينهم دماء
وَكَانَ أَخِي الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ بن المغيرة قَدْ دَخَلَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ، فَطَلَبَنِي فَلَمْ يَجِدْنِي فَكَتَبَ إِلَيَّ كِتَابًا فَإِذَا فِيهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي لَمْ أَرَ أَعْجَبَ مِنْ ذَهَابِ رَأْيِكَ عَنِ الْإِسْلَامِ وَعَقْلُكَ عَقْلُكَ! وَمِثْلُ الْإِسْلَامِ جَهِلَهُ أَحَدٌ؟ وَقَدْ سَأَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْكَ وَقَالَ أَيْنَ خَالِدٌ؟ فقلت يأتي الله به، فقال «مِثْلُهُ جَهِلَ الْإِسْلَامَ؟ وَلَوْ كَانَ جَعَلَ نِكَايَتَهُ وجده مَعَ الْمُسْلِمِينَ كَانَ خَيْرًا لَهُ، وَلَقَدَّمْنَاهُ عَلَى غَيْرِهِ» فَاسْتَدْرِكْ يَا أَخِي مَا قَدْ فَاتَكَ من مَوَاطِنُ صَالِحَةٌ. قَالَ فَلَمَّا جَاءَنِي كِتَابُهُ نَشِطْتُ لِلْخُرُوجِ وَزَادَنِي رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ وَسَرَّنِي سُؤَالُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِّي، وَأَرَى فِي النَّوْمِ كَأَنِّي فِي بِلَادٍ ضَيِّقَةٍ مجدبة فخرجت في بِلَادٍ خَضْرَاءَ وَاسِعَةٍ فَقُلْتُ إِنَّ هَذِهِ لَرُؤْيَا، فَلَمَّا أَنْ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ قُلْتُ لَأَذْكُرَنَّهَا لِأَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ مَخْرَجُكَ الذى هَدَاكَ اللَّهُ لِلْإِسْلَامِ، وَالضِّيقُ الَّذِي كُنْتَ فِيهِ مِنَ الشِّرْكِ، قَالَ فَلَمَّا أَجْمَعْتُ الْخُرُوجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ مَنْ أُصَاحِبُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَلَقِيتُ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ فَقُلْتُ يَا أَبَا وَهْبٍ أَمَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ إِنَّمَا نَحْنُ كاضراس وَقَدْ ظَهَرَ مُحَمَّدٌ عَلَى الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، فَلَوْ قَدِمْنَا عَلَى مُحَمَّدٍ وَاتَّبَعْنَاهُ فَإِنَّ شَرَفَ مُحَمَّدٍ لَنَا شَرَفٌ؟ فَأَبَى أَشَدَّ الْإِبَاءِ فَقَالَ: لَوْ لَمْ يَبْقَ غَيْرِي مَا اتَّبَعْتُهُ أَبَدًا. فَافْتَرَقْنَا وَقُلْتُ هَذَا رَجُلٌ قُتِلَ أَخُوهُ وَأَبُوهُ بِبَدْرٍ، فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ فَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ مَا قُلْتُ لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فَقَالَ لِي مِثْلَ مَا قَالَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، قَلْتُ فَاكْتُمْ عَلَيَّ قَالَ لَا أَذْكُرُهُ، فَخَرَجْتُ إِلَى مَنْزِلِي فَأَمَرْتُ بِرَاحِلَتِي فَخَرَجْتُ بِهَا إِلَى أَنْ لَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ فَقُلْتُ إِنَّ هَذَا لِي صَدِيقٌ فَلَوْ ذَكَرْتُ لَهُ مَا أَرْجُو، ثُمَّ ذَكَرْتُ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِهِ فَكَرِهْتُ أَنْ أُذَكِّرَهُ، ثُمَّ قُلْتُ وَمَا عَلَيَّ وَأَنَا رَاحِلٌ مِنْ سَاعَتِي فَذَكَرْتُ لَهُ مَا صَارَ الْأَمْرُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ إِنَّمَا نَحْنُ بِمَنْزِلَةِ ثعلب في جحر لوصب فِيهِ ذَنُوبٌ مِنْ مَاءٍ لَخَرَجَ، وَقُلْتُ لَهُ نحوا مما قلت لصاحبي فأسرع الاجابة، وقلت له إِنِّي غَدَوْتُ الْيَوْمَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَغْدُوَ وهذه راحلتي بفج مُنَاخَةٍ، قَالَ فَاتَّعَدْتُ أَنَا وَهُوَ يَأْجَجَ إِنْ سَبَقَنِي أَقَامَ وَإِنْ سَبَقْتُهُ أَقَمْتُ عَلَيْهِ، قَالَ فَأَدْلَجْنَا سَحَرًا فَلَمْ يَطْلُعِ الْفَجْرُ حَتَّى الْتَقَيْنَا ، فَغَدَوْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْهَدَةِ فَنَجِدُ عمرو بن العاص بها، قال مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ فَقُلْنَا وَبِكَ، فَقَالَ إِلَى أَيْنَ مَسِيرُكُمْ؟ فَقُلْنَا وَمَا أَخْرَجَكَ؟ فَقَالَ وَمَا أَخْرَجَكُمْ؟ قُلْنَا الدُّخُولُ فِي الْإِسْلَامِ وَاتِّبَاعُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ وَذَاكَ الَّذِي أَقْدَمَنِي، فَاصْطَحَبْنَا جَمِيعًا حَتَّى دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ فَأَنَخْنَا بِظَهْرِ الحرة . رِكَابَنَا فَأُخْبِرَ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسُرَّ بِنَا، فَلَبِسْتُ مِنْ صَالِحِ ثِيَابِي ثُمَّ عَمَدْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَقِيَنِي أَخِي: فَقَالَ أَسْرِعْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُخْبِرَ بِكَ فَسُرَّ بِقُدُومِكَ وَهُوَ يَنْتَظِرُكُمْ، فَأَسْرَعْنَا الْمَشْيَ فَاطَّلَعْتُ عَلَيْهِ فَمَا زَالَ يَتَبَسَّمُ إِلَيَّ حَتَّى وَقَفْتُ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ بِالنُّبُوَّةِ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ، فَقُلْتُ إِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ «تَعَالَ» ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْحَمْدُ للَّه الَّذِي هَدَاكَ قَدْ كُنْتُ أَرَى لَكَ عَقْلًا رَجَوْتُ أَنْ لَا يُسْلِمَكَ إِلَّا إِلَى خَيْرٍ» قلت يا رسول الله أنى قَدْ رَأَيْتَ مَا كُنْتُ أَشْهَدُ مِنْ تِلْكَ المواطن عليك معاندا للحق فادعو اللَّهَ أَنْ يَغْفِرَهَا لِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ» قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ «اللَّهمّ اغْفِرْ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ كُلَّ مَا أَوْضَعَ فِيهِ مِنْ صَدٍّ عَنْ سبيل الله» قَالَ خَالِدٌ: وَتَقَدَّمَ عُثْمَانُ وَعَمْرٌو فَبَايَعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ وَكَانَ قدومنا في صفر سنة ثمان، قال والله مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْدِلُ بِي أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِيمَا حَزَبَهُ.
يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا
يا رب فرج عن الشام وأهل الشام
ـــــــــــــــ
البداية والنهاية – ابن كثير (4/ 238)
تاريخ الإسلام – الذهبي (2/ 474)
فَلَقِيتُحياة الصحابة - الكاندهلوي (1/ 188)


السبت، 22 يونيو 2024

حين ينتشي المرء لحظة في سكرة فهمه وموقف لهارون الرشيد من سائل عن حديث نبوي

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

حين ينتشي المرء لحظة في سكرة فهمه

وموقف لهارون الرشيد من سائل عن حديث نبوي

كثر اليوم من يدعي تحكيم العقل فيما ورد من آثار صحيحة فإما أن ينكرها أو يحملها معنا لا تحتمله فيضل ويضلل ، ومن الخلفاء الذين يُجلّون أصحاب الحديث هارون الرشيد رحمه الله وقد روي أنه كان يصلّي في خلافته في اليوم مائة ركعة إلى أن مات، ويتصدّق كلَّ يوم مِن صُلْب ماله بألف درهم، وكان يحبّ العِلْم وأهله، ويُعظَّم حُرُمات الإسلام، ويبغض المِراء في الدّين والكلام في معارضة النَّصّ، وكان يبكي عَلَى نفسه وعلى إسرافه وذنوبه، سيّما إذا وُعِظ. وكان يحبّ المديح ويُجيز عليه الأموال الجليلة، وله شعرٌ يروق. وفي مجلس للرشيد ذكر حديث النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " احتجّ آدمُ وموسى " المروي في الصحيحين . حدث به أبو معاوية الضرير عَن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ الجَنَّةِ، قَالَ لَهُ آدَمُ: يَا مُوسَى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلاَمِهِ، وَخَطَّ لَكَ بِيَدِهِ، أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً؟ فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى " ثَلاَثًا قَالَ

فعن خُرَّزاذ القائد قَالَ: كنت عند الرشيد، فدخل أبو معاوية الضّرير وعنده رَجُل مِن وجوه قريش، فذكر أبو معاوية حديث: " احتجّ آدمُ وموسى "، فقال الْقُرَشِيّ: فأين لِقيه؟ ( أي أين التقيا حتى يسأله ) فغضب الرشيد، وقال: النَّطْع والسيّف، زنديق يطعن في حديث النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فما زال أبو معاوية يُسَكَّنه ويقول: يا أمير المؤمنين كانت منه بادرة، حتّى سكن.

يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا

يا رب فرج عن الشام وأهل الشام

ــــــــــــ

صحيح البخاري (8/ 126)

تاريخ الإسلام – الإمام الذهبي  (4/ 1224)

البداية والنهاية – ابن كثير (1/ 92)



الخميس، 20 يونيو 2024

شذرات من حياة الإمام الأعظم النُّعْمَان بن ثَابت أَبُو حنيفَة رحمه الله ابْتِدَاء جُلُوسه للفتيا وَالسَّبَب فِي ذَلِك

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

 إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

شذرات من حياة الإمام الأعظم النُّعْمَان بن ثَابت أَبُو حنيفَة رحمه الله

ابْتِدَاء جُلُوسه للفتيا وَالسَّبَب فِي ذَلِك

قَالَ حَمَّاد بن سَلمَة كَانَ مفتي الْكُوفَة والمنظور إِلَيْهِ فِي الْفِقْه بعد موت إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان فَكَانَ النَّاس بِهِ أَغْنِيَاء فَلَمَّا مَاتَ ، أجمع رَأْيهمْ على أبي بكر النَّهْشَلِي فَسَأَلُوهُ فَأبى فسألوا ابا بردة فَأبى فَقَالُوا لأبي حنيفَة فَقَالَ مَا أحب أَن يَمُوت الْعلم فساعدهم وَجلسَ لَهُم ، فَكَانَ أبو حنيفة يفقههم فِي الدّين وَكَانَ شَدِيد الْبر بهم والتعاهد وَكَانَ ابْن ابي ليلى وَابْن شبْرمَة وَشريك وسُفْيَان يخالفونه ، وَجعل امْرَهْ يزْدَاد علوا وَكثر اصحابه حَتَّى كَانَت حلقته أعظم حَلقَة فِي الْمَسْجِد وأوسعهم فِي الْجَواب فَصَبر عَلَيْهِم واتسع على كل ضَعِيف مِنْهُم وَأهْدى إِلَى كل مُوسر فَانْصَرَفت وُجُوه النَّاس إِلَيْهِ حَتَّى أكْرمه الْأُمَرَاء والحكام والأشراف وَقَامَ بالنوائب وحمده الْكل وَعمل أَشْيَاء أعجزت الْعَرَب وقوى على ذَلِك بِالْعلمِ الْوَاسِع وأسعدته الْمَقَادِير فَكثر حساده قَالَ وَكَانَ يَقُول القَاضِي مثل السابح فِي الْبَحْر كم يسبح وَمن يرضى وَإِن كَانَ عَالما.

أخبار أبي حنيفة وأصحابه - أبو عبد الله الصَّيْمَري (ص: 21)



الثلاثاء، 18 يونيو 2024

نساء وبصمات أروى الحميرية زوجة أبي جعفر المنصور

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

نساء وبصمات

أروى الحميرية زوجة أبي جعفر المنصور

كان للمرأة حضورٌها في المجتمع الإسلامي فكانت تتعلَّم وتُعلِّم، وترحل لطلب العلم، ويقصدها الطلاب لأخذ العلم عنها، وتصنِّف الكتب، وتفتي، وتُستشار في الأمور العامَّة، ولم تكن حبيسة منزل أو حجرة، أو أسيرة في مهنةٍ معيَّنة، بل كان المجال مفتوحًا أمامها تظله الشريعة الغرَّاء، ويرعاه العفاف والطهر. ومن تلك النساء أروى بنت منصور بن عبد الله بن يزيد بن شمر الحميرية، وكانت تكنى أم موسى، تزوجت أبو جعفر، المنصور: ثاني خلفاء بني العباس، وأول من عني بالعلوم ملوك العرب. كان عارفا بالفقه والأدب، مقدما في الفلسفة والفلك، محبا للعلماء. ولد في الحميمة من أرض الشراة (قرب معان) وولي الخلافة بعد وفاة أخيه السفاح سنة 136 هـ وهو باني مدينة " بغداد " أمر بتخطيطها سنة 145 هـ وجعلها دار ملكه بدلا من " الهاشمية " التي بناها السفاح. ومن آثاره مدينة " المصيصة " و " الرافقة " بالرقة، وزيادة في المسجد الحرام. وفي أيامه شرع العرب يطلبون علوم اليونانيين والفرس، وعمل أول أسطرلاب في الإسلام، صنعه محمد بن إبراهيم الفزاري. وكان بعيدا عن اللهو والعبث، كثير الجد والتفكير، وله تواقيع غاية في البلاغة. وهو والد الخلفاء العباسيين جميعا. وكان أفحلهم شجاعة وحزما إلّا أنه قتل خلقا كثيرا حتى استقام ملكه. توفي ببئر ميمون (من أرض مكة) محرما بالحج. وكان المنصور قد شرط لها ألا يتزوج عليها، ولا يتسرى في حياتها، وكتبت عليه بذلك كتابا وأشهدت عليه شهودا . وعاشت معه عشر سِنِين فِي سُلْطَانه وكان تزَوجها قبل توليه الخلافة ورَحل بهَا وَكَانَ يطوف الْبلدَانِ فِي زمن بني أُميَّة وَأهل إفريقية يذكرُونَ أَنه طلب مرّة فاستخفى فِي قصر صهره مَنْصُور الْحِمْيَرِي عِنْد قصر بشير بطرِيق سوسة في تونس . وحين أتته الخلافة كان يكتب إلى الفقيه بعد الفقيه من أهل الحجاز وأهل العراق، وجهد أن يفتيه واحد منهم في التزويج، وابتياع السراري، فكانت أم موسى إذا علمت بإرادته ، أرسلت لذلك الفقيه فلم يفته، حتى ماتت بعد عشر سنين من سلطانه ببغداد، فأتته وفاتها وهو بحلوان، في مصر ، ووقع مرة بين أم المهدي وبين أبي جعفر المنصور خصومة، فتحاكما إلى غوث بن سليمان قاضي مصر، فحكم لصالح أم المهدي ضد الخليفة.

يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا

يا رب فرج عن الشام وأهل الشام

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحاسن والأضداد – الجاحظ (ص: 213)

مقاتل الطالبيين – أبو الفرج الأصبهاني (ص: 598)

المنتظم في تاريخ الملوك والأمم – ابن الجوزي (7/ 336)

الحلة السيراء - القضاعي(2/ 339)

الإسلام وأوضاعنا السياسية – عبد القادر عودة(ص: 236)

الأعلام للزركلي (4/ 117)



السبت، 15 يونيو 2024

الكرم من سيماء العيد والأعياد عند العرب في الجاهلية ومن العجب أن تكون المْرَأَة هي الأكْرم

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

الكرم من سيماء العيد

والأعياد عند العرب في الجاهلية ومن العجب أن تكون المْرَأَة هي الأكْرم

الأفراح العامة، كالأعياد والمناسبات ، مثل الانتصار في حرب وغزو أو تولي ملك عرشًا أو سيد رئاسةَ قبيلة، ومن الخاصة، الزواج والبرء من مرض، والعود من سفر، وأمثال ذلك. ولما كان العرب في جاهليتهم قبائل وشيعًا وكان الاتصال بينهم صعبًا، صارت أعيادهم كثيرة غير متفقة في زمان أو مكان، ذات صفة محلية، لا يشترك فيها كل عرب جزيرة العرب. وهي مرتبطة بالأصنام في الغالب وبالمواسم التجارية التي تتجلى في انعقاد الأسواق. ولذلك، فأنت حين تتحدث عن أعياد الجاهلية فلن تستطيع أن تأتي باسم عيد واحد، فجميع العرب كانوا يعيدون ويفرحون جميعهم به، بسبب انقسام الجاهليين إلى قبائل وشيع وعدم وجود دين واحد لهم. والدين من أهم العوامل المساعدة لظهور الأعياد وجمع شمل المؤمنين به للاحتفال بها. ولذلك فأعياد الجاهليين هي أعياد موضعية تعيّد قبيلة أو مدينة أو مملكة بعيد، ولا يعرف عنه بقية العرب أي شيء.

وكان الحج إلى مكة من أهم مواسم العرب في الحجاز، وهو عيد، يجتمع فيه الناس من مختلف القبائل ومختلف الأماكن للتقرب إلى الأصنام وللتلاقي في ظروف أمن وسلام لا يحل فيها قتال ولا اعتداء ولا لغو ولا فحش. ويقوم أهل مكة بخدمة الوافدين الضيوف، ضيوف "البيت"، وتمر أيام خالية من غدر واعتداء وقتل وأخذ بثأر يلبس فيها الناس خير ما عندهم من لباس ويتجلون بأحسن صورة. فإذا انتهت الأيام عادوا إلى ديارهم.

يجمع حَدَّثَ أَبُو عَبْد اللَّه الْوَاقِدِيّ القَاضِي، قَالَ: جَاءَتْنِي جارتي يَوْمَ عَرَفَة، فَقَالَت لي: مَا عندنَا من آلَة الْعِيد شيءٌ، فمضيت إِلَى صديق لي من التُّجَّار فعرفته حَاجَتي إِلَى الْقَرْض، فَأخْرج إليَّ كيسا مَخْتُومًا فِيهِ ألف وَمِائَتَا دِرْهَم، فَانْصَرَفت بِهِ إِلَى الْمنزل، فَمَا استقررت جَالِسا حَتَّى اسْتَأْذن عَليّ رجل من بني هَاشم، فَذَكَرَ تَخَلُّفَ غلّته واختلال حَاله وَحَاجته إِلَى الْقَرْض، فَدخلت إِلَى امْرَأَتي فعجّبْتُها من ذَلِكَ، فَقَالَت: فَمَا عَزْمُك؟ قلت: أشاطره الْكيس، فَقَالَت: وَالله مَا أنصفت، لقِيت رجلا سُوقة فأعطاك شَيئًا، وجاءك رَجُل لَهُ من رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِمٌ فتعطيه نصف مَا أَعْطَاك السُّوقة، فأخرجت الْكيس بخاتَمه فَدَفَعته إِلَيْهِ، وَمضى صديقي التَّاجِر يلْتَمس مِنْه الْقَرْض فَأخْرج إِلَيْهِ الْكيس بِخَاتمِهِ، فَلَمّا رَآهُ عرفه فَجَاءَنِي بِهِ، ثُمَّ وافاني رَسُول يحيى بْن خَالِد يَقُولُ: إِن الْوَزير شُغل عَنْكَ بحاجاتِ أَمِير الْمُؤمنِينَ وَهُوَ يطلبك، فركبتُ إِلَيْهِ وحدثته حَدِيث الْكيس وانتقاله، فَقَالَ: يَا غُلَام! هَات الدَّنَانِير، فجَاء بِعشْرَة آلَاف دِينَار، فَقَالَ: خُذ أَنْت أَلفَيْنِ، وَأعْطِ الهاشميّ أَلفَيْنِ، وصديقك التَّاجِر أَلفَيْنِ، وامرأتك أَرْبَعَة آلَاف دِينَار، فَإِنَّهَا أكْرمكُم.

ــــــــــــــــ

الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي - النهرواني(ص: 67)

المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام – جواد علي (9/ 100)

الخميس، 13 يونيو 2024

شذرات من حياة الإمام الأعظم النُّعْمَان بن ثَابت أَبُو حنيفَة رحمه الله ابْتِدَاء نظر أبي حنيفَة فِي الْفِقْه وَالسَّبَب فِيهِ

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

 إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

شذرات من حياة الإمام الأعظم النُّعْمَان بن ثَابت أَبُو حنيفَة رحمه الله

ابْتِدَاء نظر أبي حنيفَة فِي الْفِقْه وَالسَّبَب فِيهِ

جَاءَت امْرَأَة إِلَى حَلقَة أبي حنيفَة وَكَانَ يطْلب الْكَلَام فَسَأَلته عَن مَسْأَلَة فَلم يحسنوا فِيهَا شَيْئا من الْجَواب فَانْصَرَفت إِلَى حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان فَسَأَلته فأجابها فَرَجَعت إِلَيْهِ فَقَالَت غررتموني سَمِعت كلامكم وَلم تحسنوا شَيْئا فَقَامَ أَبُو حنيفَة فَأتى حماداً فَقَالَ لَهُ مَا جَاءَ بك قَالَ أطلب الْفِقْه قَالَ تعلم كل يَوْم ثَلَاث مسَائِل وَلَا تزد عَلَيْهَا شَيْئا حَتَّى ينتفق لَك شَيْء من الْعلم فَفعل وَلزِمَ الْحلقَة حَتَّى فقه فَكَانَ النَّاس يشيرون إِلَيْهِ بالأصابع . قال إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان يَقُول غَابَ أبي غيبَة فِي سفر لَهُ ثمَّ قدم فَقلت لَهُ يَا أبه الى اي النَّاس كنت اشوق قَالَ وانا ارى انه يَقُول إِلَى ابْني فَقَالَ إِلَى أبي حنيفَة لَو امكنني ان لَا أرفع طرفِي عَنهُ فعلت . وكان أبو حنيفة يقول : إِنِّي لأدعو الله لحماد فأبدأ بِهِ قبل أَبَوي .

أخبار أبي حنيفة وأصحابه - أبو عبد الله الصَّيْمَري (ص: 20)

هل ذهبت الغيرة من رؤوس البعض ؟

 هل ذهبت الغيرة من رؤوس البعض ؟

العرب في الجاهلية كان أحدهم يغار، فذكروا عن سيد الخزرج سعد بن عبادة البطل، كان يضيف في اليوم الواحد المائة والثمانين والمائتين في صحفة واحدة، كانت صحفته يحملها أربعة .وأنه لما تزوج امرأته أركبها على فرس، فلما وصل الفرس إلى بيته نحر الفرس، قالوا: لماذا؟ قال: لئلا يركب الفرس رجل آخر؛ لأن زوجتي ركبت عليه، وليته رأى، ليته أبصر، وعاين ما نحن فيه اليوم
أعرابي التفت رجلٌ إلى زوجته فنظر إليها، قال: تنظر إلى زوجتي، ثم قال لزوجته: الحقي بأهلك، نظر فقط، قالت: وماذا فعلت؟ قال لها:
إذا وقع الذباب على طعام .. رفعت يدي ونفسي تشتهيه
دروس الشيخ عائض القرني (134/ 20)

الأربعاء، 12 يونيو 2024

 يا رب ارزقنا زيارة بيت الحرام وقبر نبيك صلى الله عليه وسلم


رحم الله عباس السبيع أبو محمد حين كان ينشدها في مسجد محمد المصري

في مَعَرَّةُ النُّعمانَ بْنِ بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيّ



 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

أيتها الأرض كم عمرك






الثلاثاء، 11 يونيو 2024


صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

بين الأمانة والخيانة مسافة

ومن سير السلف لنا مثل

الأمانُ: إعطاء الأَمَنة. والأمانةُ: نقيضُ الخِيانة والخيانة شر ما عمله الإنسان ، وعَنْ َبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ» وعن حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ .

ورضي الله عن كعب بن زهير حيث قال :

أَرعى الأَمانَةَ لا أَخونُ أَمانَتي    ...   إِنَّ الخَؤونَ عَلى الطَريقِ الأَنكَبِ

ومن أمثلة الخيانة فقد أَبُو الْحسن أَحْمد بن يُوسُف الْأَزْرَق التنوخي: أَن رجلا أَمْسَى فِي بعض محَال الْجَانِب الغربي من مَدِينَة السَّلَام، وَمَعَهُ دَرَاهِم لَهَا قدر. فخاف على نَفسه من الطَّائِف، أَو من بلية تقع عَلَيْهِ، فَصَارَ إِلَى رجل من أهل الْموضع، وَسَأَلَهُ أَن يبيته عِنْده، فَأدْخلهُ. فَلَمَّا تَيَقّن أَن مَعَه مَالا، حدث نَفسه بقتْله، وَأخذ المَال. وَكَانَ لَهُ ابْن شَاب، فنومه بحذاء الرجل، فِي بَيت وَاحِد، وَلم يعلم ابْنه مَا فِي نَفسه، وَخرج من عِنْدهمَا، وَقد عرف مكانهما، وطفئ السراج. فَقدر أَن الابْن انْتقل من مَوْضِعه إِلَى مَوضِع الضَّيْف، وانتقل الضَّيْف إِلَى مَوضِع الابْن، وَجَاء أَبوهُ يطْلب الضَّيْف، فصادف الابْن فِيهِ، وَهُوَ لَا يشك أَنه الضَّيْف، فخنقه، فاضطرب، وَمَات. وانتبه الضَّيْف باضطرابه، وَعرف مَا أُرِيد بِهِ، فَخرج هَارِبا، وَصَاح فِي الطَّرِيق، ووقف الْجِيرَان على خَبره، وأغاثوه، وَخَرجُوا إِلَيْهِ. وَأخذ الرجل، فقرر، فَأقر بقتل وَلَده، فحبس، وَأخذ المَال من دَاره، فَرد على الضَّيْف.

وعن الأمانة حدث القاضي أبو الوليد الباجي عن أبي ذر قال: كنت أقرأ على الشيخ أبي حفص عمر بن أحمد بن شاهين ببغداد جزءاً من الحديث في حانوت رجل يبيع العطر، فبينا أنا جالس معه في الحانوت إذ جاءه رجل من الطوافين ممن يبيع العطر في طبق يحمله على يده، فأعطاه عشرة دراهم وقال له: ادفع إلي أشياء سماها من العطر، فأخذها في طبقه ومضى فسقط الطبق من يده فتفرق جميع ما كان فيه. فبكى الطواف وجزع حتى رحمناه فقال أبو حفص لصاحب الحانوت: لعلك تجبر له بعض هذه الأشياء. فقال: نعم، ونزل فجمع ما يجتمع منها وجبر له بعض ذلك، فأقبل الشيخ على الطواف يصبره ويقول له: لا تجزع فأمر الدنيا أيسر من ذلك. فقال الطواف: لا تظن أيها الشيخ أن جزعي لما ضاع، لقد علم الله تعالى مني أني كنت في القافلة الفلانية، فضاع لي هميان فيه أربعمائة دينار أو أربعة آلاف درهم، الشك من أبي ذر، ومعها فصوص قيمتها مثل ذلك فما جزعت لضياعها ولكن طلع لي الليلة مولود فاحتجت في البيت إلى ما تحتاج إليه النفساء، ولم يكن عندي غير هذه العشرة الدراهم فأشفقت أن أشتري بها حوائج النفساء، فأبقى بغير رأس مال ولا أقدر على التكسب، فقلت أشتري بها شيئاً وأطوف به صدر نهاري، فعسى أستفضل شيئاً أسد به رمق أهلي ويبقى رأس المال، أتصرف فيه فلما قدر الله عز وجل بضياعه جزعت فقلت: لا عندي ما أرجع به إليهم ولا ما أكتسب به، وعلمت أنه لم يبق لي إلا الفرار منهم، وإن تركتهم على هذه الحالة يهلكون بعدي، فهذا الذي أوجب جزعي. قال الشيخ أبو ذر: وكان رجل من شيوخ الجند جالساً على باب دار يستوعب الحديث، فقال للشيخ أبي حفص: أنا أرغب إذا أتممتم أمره أن تدخل معه عندي، وقام فظننا أنه يريد أن يعطيه شيئاً. قال: فدخلنا عليه فأذن لنا فقال الجندي للطواف: لقد عجبت من جزعك فأعد علي قصتك، فأعاد عليه فقال الجندي: وكنت في تلك القافلة؟ قال: نعم وكان بها من أعيان الناس فلان وفلان، فعلم الجندي صحة قوله فقال له: وما علامة الهميان وفي أي موضع سقط منك؟ فوصف له المكان والعلامة. فقال له الجندي: لو رأيته كنت تعرفه؟ قال: نعم. فأخرج الجندي همياناً ووضعه بين يديه فقال: هذا همياني وعلامة صحة قولي أن فيه من الأحجار ما صفته كذا وكذا، ففتح الهميان فوجد الأحجار على ما ذكر فقال الجندي: خذ مالك بارك الله لك فيه! فقال الطواف: هذه الأحجار قيمتها مثل الدنانير وأكثر، فخذ أنت الدنانير فنفسي طيبة بذلك! فقال الجندي: ما كنت لآخذ على أمانتي شيئاً فدخل الطواف وهو من الفقراء وخرج وهو من الأغنياء، ثم بكى الجندي بكاء شديداً وانتحب فقال له أبو حفص: على علام تبكي، وقد أدى الله تعالى أمانتك وقد بذل لك مالاً كثيراً، وإن شئت عرضنا عليه أن يعيده عليك؟ فقال ما أبكي لذلك وإنما أبكي لأني أعلم أنه قد حان أجلي وأنه ما بقي لي أمل أؤمله ولا أمنية أتمناها إلا أن يأتيني الله بصاحب هذا الهميان فيأخذ ماله، فلما قضى الله عز وجل ذلك بفضله ولم يبق لي أمل علمت أنه قد حان أجلي. قال الشيخ أبو ذر: فما انقضى شهر حتى توفي الرجل وصلينا عليه.

يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا

يا رب فرج عن الشام وأهل الشام

ـــــــــــــــــــــــــــ

مسند الإمام أحمد (36/ 504)

صحيح البخاري (8/ 104)

الفرج بعد الشدة للتنوخي – القاضي التنوخي (4/ 107)

سراج الملوك – الطرطوشي (ص: 168)

 

الجذرُ: الأصل


الأحد، 9 يونيو 2024

نحن في زمن يحبس فيه صَاحب الْحق

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

نحن في زمن يحبس فيه صَاحب الْحق

ومن البلاء التلاعب في أداء الحق ، بل وكثر من عد اضلال القاضي شكل من أشكال الانتصار ويباهيك فيقول لقد كسبت بحكم القضاء وقد نسي أن الخصوم مجتمعون يوما أما الله وهو سبحانه عالم الأسرار ورحم الله أبا العتاهية حيث قال :

أَما وَاللَهِ إِنَّ الظُلمَ لومُ     ...   وَما زالَ المُسيءُ هُوَ الظَلومُ

إِلى دَيّانِ يَومِ الدينِ نَمضي  ...     وَعِندَ اللَهِ تَجتَمِعُ الخُصومُ

ومن أحوال القضاة أن اخْتصم إِلَى أبي ضَمْضَم رجلَانِ فَأقر أَحدهمَا لصَاحبه بِمَا ادَّعَاهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: أعز الله القَاضِي. إِنِّي كلما طلبته لأوفيه حَقه لَا أَجِدهُ فَإِنَّهُ رجل شريب منهمك فِي الشّرْب أبدا عِنْد أَصْحَابه وأصدقائه، وَأَنا رجل معيل أحتاج أَن أكسب قوت عيالي، وَلَا يتهيأ لي أَن أتعطل عَن كسبي وأدور فِي طلبه. فَأمر أَبُو ضَمْضَم بِحَبْس صَاحب الْحق. وَقَالَ لغريمه: اذْهَبْ فاشتغل بِطَلَب معاشك ومكسبك، فَإِذا حضرك مَا ترده عَلَيْهِ فاحمله إِلَى الْحَبْس حَتَّى لَا تحْتَاج أَن تَدور فِي طلبه. فَبَقيَ الرجل فِي الْحَبْس ثَمَانِينَ يَوْمًا وَصَاحبه يحمل إِلَيْهِ الشَّيْء بعد الشَّيْء إِلَى أَن بَقِي لَهُ عشرَة دَرَاهِم فَأرْسل إِلَى القَاضِي وَقَالَ: إِن رَأَيْت أَن تفرج عني فَلم يبْق لي على غريمي إِلَّا عشرَة دَرَاهِم فَقَالَ: لَا وَالله لَا تَبْرَح حَتَّى تَأْخُذ حَقك

ومن طرف القضاء أن قاضٍ يحكم بالقرعة : فقد حكى أبو الخير الخياط عن بعض أصحابه قال: دخلت تاهرت فإذا فيها قاضٍ من أهلها، وقد أتى رجل جنى جناية ليس لها في كتاب الله حد منصوص ولا في السنة، فأحضر الفقهاء فقال: إن هذا الرجل جنى جناية وليس لها في كتاب الله حكم معروف فما ترون؟ فقالوا بأجمعهم: الأمر لك، قال: فإني رأيت أن أضرب المصحف بعضه ببعض ثلاث مرات، ثم أفتحه فما خرج من شيء عملت به، قالوا له: وفقت. ففعل بالمصحف ما ذكره، ثم فتح فخرج قوله تعالى: " سنسمه على الخرطوم " فقطع أنف الرجل وخلى سبيله.

يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا

يا رب فرج عن الشام وأهل الشام

نثر الدر في المحاضرات (4/ 215)

أخبار الحمقى والمغفلين – ابن الجوزي (ص: 111)