السبت، 25 نوفمبر 2023

نوائب الدهر ألا موت يباع فأشتريه ومن حياة السلف لما مثل

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

نوائب الدهر

ألا موت يباع فأشتريه

ومن حياة السلف لما مثل

قيل : خير من الحياة ما إذا فقدته أبغضت لفقده الحياة. وشر من الموت ما إذا نزل تمنيت الموت لنزوله. فالدنيا لا تبقى على حال وكان رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ حَالِ أَهْلِ النَّارِ . وهل بعد غضب الله من حال سوء ؟ . فلا غرابة في أن نرى وضيعا قد رفعته الأيام وعزيزاً قد حط به الدهر . وقد نقل أنّ أبا محمد الوزير المهلبي، كان في غاية من الأدب، والمحبة لأهله، وكان قبل اتصاله بمعز الدولة بن بويه، في شدة عظيمة من الضرورة والمضايقة، وسافر وهو على تلك الحالة، ولقي في سفره شدّة عظيمة، فاشتهى اللحم، فلم يقدر عليه، فقال ارتجالا:

ألا موت يباع فأشتريه ... فهذا العيش ما لا خير فيه

ألا موت لذيذ الطعم يأتي ... يخلصني من العيش الكريه

إذا أبصرت قبرا من بعيد ... وددت لو انّني فيما يليه

ألا رحم المهيمن نفس حرّ ... تصدّق بالوفاة على أخيه

وكان له رفيق، يقال له: أبو عبد الله الصوفي، وقيل: أبو الحسن العسقلاني، فلما سمع هذه الأبيات، اشترى له لحما بدرهم، وطبخه، وأطعمه، وتفارقا. وتنقّلت الأحوال، وولي الوزارة ببغداد لمعز الدولة المذكور  ، وضاق الحال برفيقه الذي اشترى له اللحم في السفر، وبلغه وزارة المهلبي، فقصده، وكتب إليه .

ألا قل للوزير فدته نفسي ... مقال مذكّر ما قد نسيه

أتذكر إذ تقول لضيق عيش ... ألا موت يباع فأشتريه

فلما وقف عليها، تذكّر الحال، وهزّته أريحية الكرم، فأمر له بسبعمائة درهم، ووقّع له في رقعته: مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله، كمثل حبّة أنبتت سبع سنابل، في كلّ سنبلة مائة حبّة. ثم دعا به، فخلع عليه، وقلّده عملا، يرتفق منه .

ورحم الله أبي البقاء الرندي :

هي الأمور كما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمان

وهذه الدار لا تبقي على أحد ولا يدوم على حال لها شان

يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا

يا رب فرج عن الشام وأهل الشام

ـــــــــــــــــــــــــــــ

سنن الترمذي (5/ 470)

نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة (7/ 253)

الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري – الآمدي (3/ 529)

الفرج بعد الشدة للتنوخي (5/ 10)

عقلاء المجانين لابن حبيب النيسابوري (ص: 118)



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق