السبت، 18 نوفمبر 2023

الْوَقَاحَةُ – من أسرار البلاء الذي نحن فيه

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

الْوَقَاحَةُ – من أسرار البلاء الذي نحن فيه

والْوَقَاحَةُ بِالْفَتْحِ قِلَّةُ الْحَيَاءِ وقد قالوا : الوقاحة كالقداحة، لولاها لما استعر لَهب، وَلَا اشتعل حطب. وقالوا الوقاحة في الرجل تدل على لؤم نجره وخساسة قدره وقلة خيره وكثرة شره ، حتى لا يبالي بالقباحة. وما أكثر من مناصب نيلت دون أهلية ، ومهن ادعيت ونسبت لأناس هم أبعد الناس عنها . وكذلك منشورات وكتابات مسروقة نسبت لغبر أصحابها ، إنه

ادعاء بالعلم في غمرة الجهل ، وجميل قول القائل :

إذا رزق الفتى وجها وقاحا ... تقلّب في الأمور كما يشاء

ولم يك للأمور ولا لشيء ... يعالجه له فيه عناء

إلا أن لكل أمر حد وفي المعرة يقولون : الرزيل بدو أرزل . والفاجر لدو أفجر . وفي حالات لا بد من الاستعانة بالجهل عند الحاجة إليه ، وقد قالوا الوقاحة من صفة الذئب، لخسته، والحياء عادة الأسد.

فما ينفع الأسد الحياء من الطوى ... ولا تتقي حتى تكون ضواريا

وفي البيت حث على الوقاحة والتجليح وضرب المثل بالأسد لأنه لو لزم الحياء ولم يصد بقي جائعا غير مهيب وإنما يهاب ويتقي لكونه ضاريا مفترسا حريصا على الصيد .

وروي أنه بينما ابن عمر رضي الله عنهما جالس إذ أقبل أعرابي فلطمه فقام إليه رجل فجلد به الأرض، فقال ابن عمر: ليس بعزيز من ليس في قومه سفيه. وقيل: اجعل لكلّ كلب كليبا يهرّ دونك، فالعرض يصان بمثل سفيه يصول . قال صالح بن جناح:

إذا كنت بين الجهل والحلم قاعدا ... وخيرت أيّا شئت فالحلم أفضل

ولكن إذا أنصفت من ليس منصفا ... ولم يرض منك الحلم فالجهل أمثل

ولو جلنا النظر في أحوالنا لوجدنا صور الوقاحة تتبدى دون غشاوة ، كل يدّْعي الصلاح ، وهو للصلاح في نفسه أولى . يدعو لنصرة المظلوم وهو أحد أركان الظلمة .

يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا

يا رب فرج عن الشام وأهل الشام

ـــــــــــــــ

سحر البلاغة وسر البراعة (ص: 200)

محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء (1/ 350)

شرح ديوان المتنبي للواحدي (ص: 310)

معجز أحمد (ص: 441)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق