السبت، 11 نوفمبر 2023

عدالة قرد ومن حكايات السلف لنا مثل

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

عدالة قرد

ومن حكايات السلف لنا مثل

الظُّلْم، وأصل الظُّلْم وضعُك الشيءَ فِي غير مَوْضِعه، ثمَّ كثر ذَلِك حَتَّى سُمّي كل عَسْف ظُلماً. وكانوا في الجاهلية إذا اتهموا رجلًا وأراد أحدهم ظلم صاحبه، فأرادوا احْلَافه أَوْقَدُوا نَارًا عظيمة وألقوا فيها ملحًا كثيرًا فيكون للملح صوتٌ عظيم فيؤتى بالرجل الظالم، فيقال له: احلف واعلم أنك إن حلفت باطلًا وقعت في مِثْلِ هذه النار. وأما أهل المقدرة والعز منهم فإنهم كانوا يلقون الحالف باطلًا فيها . ومن أسباب الظلم إبليس ، والنفس الأمارة بالسوء . وأشد ما في الأمر هو اعتياد وتعوُّد الظالمين على ظلمهم وطغيانهم، وتعوُّد بعض المظلومين على الركون للظلم، واعتياد الناس على رؤية الظلم أمام أعينهم وفي حياتهم اليومية من غير أن يحدث ذلك شيئا في أنفسهم وكأن لسان حالهم يقول "هذا أمر عادي وطبيعي، وما شأني أنا ما دمت لست بمظلوم ولا ظالم"، حتى أصبح الظلم شيئا عاديا في مجتمعاتنا، بل أصبح عادة الطواغيت وسنتهم، وأصبح غاية بعض الحكام ووسيلتهم. والأخطر أن يعتقد أن الظلم شكل من العدالة من مقولة ( الناس ما تجي إلا بالدوس ) ويكفي الظلمة اليوم تهمة قد يبلغ مداها إلى تبرير القتل ، والظلمة يكيفون الأمر بما يبرر لهم أهداف رغبوا في الوصول إليها . قالوا : أن قطتان اختطفتا قطعة جبن وذهبتا بها إلى القرد لكي يقسمها بينهما. فقسمها إلى قسمين أحدهما أكبر من الآخر ووضعهما في ميزانه. فرجح الأكبر. فأخذ منه شيئاً بأسنانه وهو يظهر أنه يريد مساواته بالأصغر. ولكن إذ كان ما أخذه منه هو أكثر من اللازم رجح الأصغر. ففعل بهذا ما فعله بذاك ثم فعل بذاك ما فعله بهذا حتى كاد يذهب بالجبنة. فقالت له القطتان: نحن رضينا بهذه القسمة فأعطنا الجبنة. فقال إذا كنتما رضيتما فإن العدل لا يرضى. وما زال يقضم القسم الراجح منهما كذلك حتى أتى عليهما جميعاً. فرجعت القطتان بحزن وخيبة وهما تقولان:

وما من يد إلا يد الله فوقها ... ولا ظالم إلا سيبلى بأظلم

وقالوا : كان صياد يصيد العصافير في يوم بارد. فكان يذبحها والدموع تسيل. فقال عصفور لصاحبه: لا بأس عليك من الرجل أما تراه يبكي. فقال له الآخر: لا تنظر إلى دموعه بل إلى ما تصنع يداه .

يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا

يا رب فرج عن الشام وأهل الشام

ـــــــــــــــــــ

مجاني الأدب في حدائق العرب (1/ 33)

التقفية في اللغة (ص: 124)



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق