الأربعاء، 29 يوليو 2015

أيام كان القلب أكبر من العقل

أيام كان القلب أكبر من العقل
أيام كان العامي يرفض الاستهزاء بكتاب الله حتى دون أن يدرك القصد وإنا كان صحيح
روى المسعودي: أن أبا خليفة الفضل بن الحباب الجمحي المتوفى سنة 305هـ "وكان فصيحًا معربًا لا يتكلف الإعراب بل صار له كالطبع لدوام استعماله إياه من عنفوان حداثته، خرج مع بعض أصحابه متفكهين إلى نهر من أنهار البصرة وقد غيروا ظواهر زيهم كيلا يعرفهم الناس، وكان ذلك أيام المبادئ وهي الأيام التي يثمر فيها التمر والرطب فكبسونه في القواصر "أوعية التمر" تمرًا؛ وتكون حينئذ البساتين مشحونة بالرجال ممن يعمل في التمر من الأكرة "الزراع" وغيرهم، فلما أكلوا قال بعضهم لأبي خليفة غير مكن له خوفًا أن يعرفه من حضر من العمال في النخل: أخبرني "أطال الله بقاءك" عن قول الله عز وجل: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} هذه الواو ما موقعها من الإعراب؟ قال أبو خليفة: موقعها رفع، وقوم "قوا" هو أمر للجماعة من الرجال. قال له: كيف تقول للواحد من الرجال وللاثنين؟ قال: يقال للواحد من الرجال: ق، وللاثنين قيا، وللجماعة قوا.
قال: كيف تقول للواحدة من النساء، وللاثنين، وللجماعة منهن؟ قال أبو خليفة: يقال للواحدة قي، وللاثنتين قيا، وللجماعة قين.
قال: فأسألك أن تعجل بالعجلة: كيف يقال للواحد من الرجال والاثنين والجماعة وللواحدة من النساء والاثنين والجماعة منهن؟
قال أبو خليفة "وهو ينطق" عجلان: ق، قيا، قوا، قي، قيا، قين.
وكان بالقرب منهم جماعة من الأكرة، فلما سمعوا ذلك استعظموه، وقالوا:
يا زنادقة، أنتم تقرءون القرآن بحرف الدجاج..؟ وغدوا عليهم فصفعوهم؛ فما تخلص أبو خليفة والقوم الذين كانوا معه من أيديهم إلا بعد كد طويل.
تاريخ آداب العرب – مصطفى صادق الرافعي (2/ 82)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق