من استغنى برأيه فقد خاطر بنفسه

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

من استغنى برأيه فقد خاطر بنفسه

والاستغناء بالرأي من أسرار البلاء الذي نحن فيه ، وفي المعرة عندنا وحين يتعنت أحدهم برأيه يقول : أشو إنتي أخو كيفي أو أخو مرائي . والمعنى رفض لأي رأي آخر . وقد قيل : وقد قيل : «مَا خَابَ مَنِ اسْتَخَارَ , وَلَا نَدِمَ مَنِ اسْتَشَارَ , وَلَا حَالَ مَنِ اقْتَصَدَ» وهو حديث ضعيف رواه الطبراني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وهل أوصلنا إلى الذي نحن فيه إلا الاستبداد بالرأي . وجميل قول محمود الوراق من شعراء القرن الثاني الهجري رحمه الله حيث قال :

إِنَّ اللَبيبَ إِذا تَفَرَّقَ أَمرُهُ .. فَتَقَ الأُمورَ مُناظِراً وَمُشاوِرا

وَأَخو الجَهالَةِ يَستَبِدُّ بِرَأيِهِ .. فَتَراهُ يَعتَسِفُ الأُمورَ مُخاطِرا

كذلك فالاستشارة تؤخذ من صاحب علم ولا ترتجى من جاهل . فالجهل سبب الهلاك . قال أبو الأسود الدؤلي رحمه الله

فَما كُلُّ ذي لُبٍّ بِمؤتيكَ نُصحَهُ .. وَما كُلُّ مؤتٍ نَصحَهُ بِلبيبِ

وَلَكِن إِذا ما استَجمَعا عِندَ واحِدٍ .. فَحقٌّ لَهُ مِن طاعَةٍ بِنَصيبِ

لما أراد نوح بن مريم قاضي مرو أن يزوج ابنته استشار جارا له مجوسيا، فقال: سبحان الله! الناس يستفتونك وأنك تستفتيني. قال: لا بد أن تشير عليّ. قال: إن رئيس الفرس كسرى كان يختار المال، ورئيس الروم قيصر كان يختار الجمال، ورئيس العرب كان يختار الحسب، ورئيسكم محمد كان يختار الدين، فانظر لنفسك بمن تقتدي.

يا رب فرج عن سورية وأهل سورية

ـــــــــــــــ

نهاية الأرب في فنون الأدب (6/ 70)

المستطرف في كل فن مستطرف (ص: 86)