الاثنين، 23 يناير 2023

خدعة تغير الزمان ، والحق أن الزمان لم يتغير بل تغيرت أساليب البغي والعدوان . حالة وحاة لا يؤثر الزمن على سلوك القوي ، حين يستشعر الأقوى

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

خدعة تغير الزمان ، والحق أن الزمان لم يتغير بل تغيرت أساليب البغي والعدوان .

حالة وحاة لا يؤثر الزمن على سلوك القوي ، حين يستشعر الأقوى

ومن حياة الملك الأشرف: مظفر الدين موسى، بن الملك العادل: سيف الدين أبى بكر محمد ابن أيوب ، صاحب دمشق لنا مثل قديما قالوا : إذا تغير السلطان تغير الزمان. وفي ماضي الزمان كان الناس قبائل فإن اختصم اثنان لم يلجأ للحجة بل للقوة فيكون الحق مع القوي . ومن الناس من تكون القوة فيهم ظاهرة فيسلبوا دون سبب . إلا أن الأمر خف بعد ولادة القوانين واستمر تأثير القوة مع ذلك . والعلاقة بين الأفراد صورة من العلاقة بين الأمم .

بعد الحرب الأولى صنع الناس دار في جنيف أسميت ( عصبة الأمم ) ما لبثت أن أخفقت حين رغبت في لجم الدول الأقوى

وعاد الناس بعد الحرب الثانية لصنع دار سميت " هيئة الأمم " احتفظ في الأقوى بمجلس الأمن ، وتركوا الجمعية العامة للعجيج والضجيج .

حكى أبو المظفر يوسف بن قزوغلى سبط ابن الجوزي عنه، في كتابه: «مرآة الزمان» عن الملك العادل قال : قال: جلست يوما عنده في منظرة بقلعة خلاط، يعتب على أخيه الملك المعظم في قضية بلغته عنه، ثم قال: والله ما مددت عيني إلى حريم أحد: لا ذكر ولا أنثى. ولقد كنت يوما قاعدا في هذه الطّيّارة، فدخل الخادم فقال: على الباب امرأة عجوز، تذكر أنها من عند بنت شاه أرمن- صاحب خلاط. فأذنت لها، فدخلت، ومعها ورقة من عند بنت صاحب خلاط، تذكر أن الحاجب «علىّ» قد أخذ ضيعتها وقصد هلاكها، وما تتجاسر أن تظهر، خوفا منه. فكتبت على الورقة بإطلاق القرية، ونهيت الحاجب عنها. فقالت العجوز: هي تسأل الحضور بين يديك، فعندها سرّ ما يمكن ذكره إلا للسلطان! فأذنت لها. فتوجّهت وعادت بعد ساعة، ومعها امرأة ما رأيت في الدنيا أحسن من قدّها، ولا أظرف من شكلها، كأن الشمس تحت نقابها! فخدمت ووقفت. فقمت لها وقلت: وأنت في هذا البلد، وما علمت بك؟! فسفرت عن وجهها فأضاءت منه المنظرة! فقلت: غطّ وجهك، وأخبريني بحالك. فقالت: أنا بنت شاه أرمن، صاحب هذه البلاد. مات أبى، واستولى بكتمر على الممالك، وتغيرت الدّول، وكانت لي ضيعة أعيش منها، أخذها الحاجب «علىّ» وما أعيش إلا من عمل النّقش، وأنا ساكنة في دار بالأجرة! قال: فبكيت، وأمرت الخادم أن يكتب لها توقيعا بالضّيعة وبالوصيّة، وأمرت لها بقماش من الخزانة، وأمرت لها بدار تصلح لسكنها، وقلت باسم الله، امضى في حفظ الله ودعته. فقالت العجوز: يا خوند ، ما جاءت إلى خدمتك إلا حتى تحظى بك الليلة! قال: فلما سمعت كلامها، وقّع الله في قلبي تغيّر الزمان، وأن يملك خلاط غيرى، وتحتاج بنتي إلى أن تقعد مثل هذه القعدة بين يديه: فقلت: يا عجوز، معاذ الله! والله ما هو من شيمتي، ولا خلوت بغير محارمي، فخذيها وانصرفى ، وهى العزيزة الكريمة! ومهما كان لها من الحوائج تنفّذ إلى هذا الخادم. فقامت، وهى تبكى، وتقول- بالأرمنية:

صان الله عاقبتك، كما صنتني.

اللطائف والظرائف – الثعالبي (ص: 29)

نهاية الأرب في فنون الأدب – النويري (29/ 218)

العربي الكويتية العدد 77

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق