الأربعاء، 18 يناير 2023

كفى بالوفاء جامعاً لما تشتت من الإخاء ومن السيرة العطرة ومن سيدنا معاوية رضي الله عنه ، ومن حياة العرب نتعلم

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

كفى بالوفاء جامعاً لما تشتت من الإخاء

ومن السيرة العطرة ومن سيدنا معاوية رضي الله عنه ، ومن حياة العرب نتعلم

الغدر وعدم الوفاء من أسرار البلاء الذي نحن فيه ، وقد قيل قديماً إذا ظهرَ الغدرُ سهُل الهجرُ . ومن عاشر الناس بالمكر كافأوه بالغدر. والغدر نقض العهد . فعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «لَوْ جَاءنِي مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَعْطَيْتك هكذا وهكَذَا» فَتُوفِّيَ النّبيّ صلى اللَّه عليه وسلم ولَمْ يَأْتِه فجاء أبَا بَكْر فَأعْطَانِي حِينَ جَاءه.

وَعَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: كَانَ مُعَاوِيَةُ يَسِيرُ بِأَرْضِ الرُّومِ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ أَمَدٌ، فَأَرَادَ أَنْ يَدْنُوَ مِنْهُمْ، فَإِذَا انْقَضَى الْأَمَدُ غَزَاهُمْ، فَإِذَا شَيْخٌ عَلَى دَابَّةٍ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَفَاءٌ لَا غَدْرٌ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ، فَلَا يَحِلَّنَّ عُقْدَةً وَلَا يَشُدَّهَا حَتَّى يَنْقَضِيَ أَمَدُهَا، أَوْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ» ، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ فَرَجَعَ

الطائي وشريك نديم النعمان بن المنذر .

ومن حياة العرب في الجاهلية قصة الطائي صاحب النعمان بن المنذر، وكان من وفائه أن النعمان ركب في يوم بؤسه، وكان له يومان يوم بؤس ويوم نعيم لم يلقه أحد في يوم بؤسه إلا قتله ولا في يوم نعيمه إلا أحياه وحباه وأعطاه، فاستقبله في يوم بؤسه أعرابي من طيء، فقال: حيا الله الملك، لي صبية وصغار لم أوص بهم أحداً فإن رأى الملك أن يأذن لي في إتيانهم وأعطيه عهد الله أن أرجع إليه إذا أوصيت بهم حتى أضع يدي بين يديه، فرق له النعمان وقال له: لا إلا أن يضمنك رجل ممن معنا فإن لم تأت قتلناه، وكان مع النعمان شريك بن عمرو بن شراحبيل فنظر إليه الطائي وقال:

يا شريك ابن عمرو ... هل من الموت محاله

يا أخا كل مضاف ... يا أخا من لا أخاله

يا أخا النعمان فك ... اليوم عن شيخ غلاله

ابن شيبان قتيل ... أصلح الله فعاله

فقال شريك: هو علي أصلح الله الملك، فمضى الطائي وأجل له أجلاً يأتي فيه، فلما كان ذلك اليوم أحضر النعمان شريكاً وجعل يقول له: إن صدر هذا اليوم قد ولي وشريك يقول: ليس لك علي سبيل حتى نمسي فلما أمسوا أقبل شخص والنعمان ينظر إلى شريك فقال شريك: ليس لك علي سبيل حتى يدنو الشخص فلعله صاحبي، فبينما هما كذلك أقبل الطائي فقال النعمان: والله ما رأيت أكرم منكما وما أدري أيكما أكرم أهذا الذي ضمنك وهو الموت أم أنت وقد رجعت إلى القتل؟ والله لا أكون الأم الثلاثة، فأطلقه وأمر برفع يوم بؤسه. وأنشد الطائي:

ولقد دعتني للخلاف عشيرتي ... فأبيت عند تجهم الأقوال

إني امرؤ مني الوفاء سجية ... وفعال كل مهذب بذال

فقال النعمان: ما حملك على الوفاء؟ قال: ديني. قال: وما دينك؟

قال: النصرانية. قال: أعرضها علي، فعرضها عليه، فتنصر النعمان

اللهم اجعلنا ممن إذا عاهدوا أوفوا بما عاهدوا

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

مسند الإمام أحمد (28/ 229)

مسند الشافعي (2/ 197)

البخلاء للجاحظ (ص: 207)

المحاسن والأضداد (ص: 85)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق