الخميس، 8 ديسمبر 2022

الورطة وقد نغتر ونتوهم فنقع في ورطة . ومن حكايات السلف لنا مثل

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

الورطة

وقد نغتر ونتوهم فنقع في ورطة . ومن حكايات السلف لنا مثل

كثر من تبرق أمال كالسراب كاذبة ، فيقودهم الطمع للحركة تجاهها . لتتضح الحقيقة أنهم ساروا وراء وهم جرهم إلى ورطة من الصعب الخروج . وهي يغلفهم الندم حيث لا ينفع الندم .

في قد يسعف الحظ والذكاء بعضهم في الخروج مما وضع نفسه فيه . وهذا من النادر أن يحدث إلا قبل الوقوع في وحل ما تورط فيه . قال الأصمعي : الورطة أُهْوِيَّة تكون في رأس الجبل، يَشُقُ على مَنْ وقع فيها الخروج منها . والورطة: الوَحَل تقع فيه الغنم فلا يمكنها التخلص. ثم ضرب هذا مثلاً لكل شدة يقع فيها الإنسان.

نظر رجل من الطفيليين إلى قوم من الزنادقة يسار بهم إلى القتل: فرأى لهم هيئة حسنة وثيابا نقية، فظنهم يدعون إلى وليمة، فتلطف حتى دخل في لفيفهم وصار واحدا منهم، فلما بلغ صاحب الشرطة قال: أصلحك الله، لست والله منهم، وإنما أنا طفيلي ظننتهم يدعون إلى صنيع فدخلت في جملتهم! فقال: ليس هذا ما ينجيك مني، اضربوا عنقه! فقال: أصلحك الله، إن كنت ولا بد فاعلا فأمر السياف ان يضرب بطني بالسيف، فإنه هو الذي ورطني هذه الورطة! فضحك صاحب الشرطة، وكشف عنه، فأخبروه أنه طفيلي معروف، فخلى سبيله.

وحكي عن بعض الشعراء أنه دخل على أحد الخلفاء فوجده جالساً وإلى جانبه جاريةُ سوداء تدعى خالصة. وعليها من الحلي وأنواع الجواهر واللآلئ مالا يوصف. فصار الشاعر يمتدحه وهو يسهو عن استماعه. فلما خرج كتب على الباب:

لقد ضاع شعري على بابكم ... كما ضاع درٌ على خالصه

فقرأه بعض حاشية الخليفة وأخبره به. فغضب لذلك وأمره بإحضار الشاعر. فلما وصل إلى الباب مسح العينين اللتين في لفظة ضاع. وأحضر بين يديه. فقال له: ما كتبت على الباب. قال: كتبت.

لقد ضاء شعري على بابكم ... كما ضاء درٌ على خالصه

فأعجبه ذلك وأنعم عليه. وخرج الشاعر وهو يقول: لله درك من شعر قلعت عيناه فأبص

العقد الفريد (7/ 236)

خزانة الأدب وغاية الأرب لابن حجة الحموي (1/ 250)

 

أُهْوِيَّة : فُرَج بين شيئين


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق