السبت، 17 ديسمبر 2022

حين نخاف الله تفعل ما يرضيه بين هارون الرشيد وأبي العتاهية . والمعتضد بالله والملاح

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

حين نخاف الله تفعل ما يرضيه

بين هارون الرشيد وأبي العتاهية . والمعتضد بالله والملاح

لقد حضنا الله على خشيته وعدم الخوف من غيره، فقالفَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ {المائدة:44}، وقال تعالىإِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {آل عمران:175}، وقال تعالىأَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ {التوبة:13}.

ومن كان سببا فيما نحن فيه من بلاء قوم لا يخافون الله تعالى . خشيتهم للشيطان أشد وأكبر من خشية الله .

روي أنّ الرشيد لمّا ضرب أبا العتاهية وحبسه، وكّل به صاحب خبر يكتب إليه بكل ما يسمعه. فكتب إليه أنه سمعه ينشد:

أما واللّه إنّ الظلم لوم ... وما زال المسيء هو الظّلوم

إلى ديّان يوم الدين نمضي ... وعند اللّه تجتمع الخصوم

قال: فبكى الرشيد، وأمر بإحضار أبي العتاهية وإطلاقه، وأمر له بألفي دينار.

حكى أبو محمد الحسين بن محمد الصالحي قال: كنا حول سرير المعتضد بالله ذات يوم نصف النهار فنام بعد أن أكل، فانتبه منزعجا وقال: يا خدم، فأسرعنا الجواب فقال: ويلكم أعينوني والحقوا بالشط فأول ملاح ترونه منحدرا في سفينة فارغة فاقبضوا عليه وائتوني به ووكلوا بالسفينة من يحفظها. فأسرعنا فوجدنا ملاحا في سفينة منحدرة وهي فارغة فقبضنا عليه ووكلنا بها من يحفظها وصعدنا به إلى المعتضد. فلما رآه الملاح كاد يتلف فصاح عليه المعتضد صيحة عظيمة كادت روحه تذهب منها وقال: أصدقني يا ملعون عن قضيتك مع المرأة التي قتلتها اليوم وإلا ضربت عنقك: فتلعثم، وقال: نعم كنت سحرا في المشرعة الفلانية فنزلت امرأة لم أر مثلها عليها ثياب فاخرة وحلى كثيرة وجواهر فطمعت فيها واحتلت عليها حتى سددت فمها وغرّقتها وأخذت جميع ما كان عليها ثم طرحتها في الماء ولم أجسر على حمل سلبها إلى داري لئلا يفشوا الخبر علي، فعولت على الهروب والانحدار إلى واسط فصبرت إلى أن خلا الشط في هذه الساعة من الملاحين وأخذت في الانحدار فتعلق بي هؤلاء القوم فحملوني إليك، فقال: وأين الحلى والسلب؟ قال: في صدر السفينة تحت البواري.

قال المعتضد: علي به الساعة، فحضروا به فأمر بتغريق الملاح ثم أمر أن ينادى ببغداد من خرجت له امرأة إلى المشرعة الفلانية سحرا وعليها ثياب فاخرة وحلى فليحضر، فحضر في اليوم الثاني ثلاثة من أهلها وأعطوا صفتها وصفة ما كان عليها فسلم ذلك إليهم. قال: فقلت يا مولاي من أين علمت أو أوحي إليك بهذه الحالة وأمر هذه الصبية فقال: بل رأيت في منامي رجلا شيخا أبيض الرأس واللحية والثياب وهو ينادي: يا أحمد أول ملاح ينحدر الساعة فاقبض عليه وقرره على المرأة التي قتلها اليوم ظلما وسلبها ثيابها وأقم عليه الحد ولا يفتك، فكان ما شاهدتم. فيتعين على كل ولي أمر أن يعدل في الأحكام، وأن يتبصر في رعيته وعلى كل غافل أن يكف يده عن الظلم ويسلك سنن العدل ويعامل بالنصفة ويراقب الله في السر والعلانية ويعلم أن الله يجازي على الخير والشر ويعاقب الظالم على ظلمه وينتصر للمظلوم ويأخذ له حقه ممن ظلمه، وإذا أخذ الظالم لم يفلته.

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ـــــــــــــــــــ

الأغاني – أبي الفرج الأصفهاني (4/ 294)

المستطرف في كل فن مستطرف (ص: 119)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق