صَبِيحَةٌ مُبارَكَة
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
قصص لا تصح : قصة درع الإمام
علي رضي الله عنه واليهودي
هذه القصة بأكثر من سند
أحدهما : أنه لما توجه علي إلى حرب معاوية افتقد درعاً له ، فلما انقضت الحرب ورجع
إلى الكوفة أصاب الدرع في يد يهودي يبيعها في السوق ، فقال له علي : يا يهودي ،
هذه الدرع درعي ، لم أبع ولم أهب ، فقال اليهودي : درعي و في يدي ، فقال علي :
نصير إلى القاضي ، فتقدما إلى شريح ، فجلس علي إلى جانب شريح ، و جلس اليهودي بين
يديه فقال علي : لولا أن خصمي ذمي لاستويت معه في المجلس ، سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول : صغروا بهم كما صغر الله بهم . فقال شريح : قل يا أمير
المؤمنين ، فقال : نعم ، إن هذه الدرع التي في يد اليهودي درعي ، و لم أبع و لم
أهب ، فقال شريح : ما تقول يا يهودي ؟ فقال : درعي و في يدي فقال شريح : يا أمير
المؤمنين بينه ، قال : نعم ، قنبر والحسن يشهدان أن الدرع درعي ، قال : شهادة
الابن لا تجوز للأب ، فقال : رجل من أهل الجنة لا تجوز شهادته ، سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة . فقال اليهودي :
أمير المؤمنين قدمني إلى قاضيه ، وقاضيه قضى عليه ، أشهد أن لا إله إلا الله وأن
محمداً رسول الله ، و أن الدرع درعك ، كنت راكباً على جملك الأورق ، و أنت متوجه
إلى صفين ، فوقعت منك ليلاً فأخذتها ، و خرج يقاتل مع علي الشراة بالنهروان فقتل
.
قال أبو عبد الله الذهبي جزاه
الله خيراً ، هذه قصة قرأتها في سبل السلام للصنعاني ، في كتاب القضاء باب تسوية
القاضي بين الخصوم في المجلس ، وأعجبت بها ، وكنت آنذاك لا أميز بين الصحيح
والموضوع ، و قد ارتسمت في ذهني لما اشتملت عليه من العدل والإنصاف من أمير
المؤمنين علي رضي الله عنه ؛ و قاضيه شريح بن الحارث الكندي رحمه الله ، و بعد زمن
طويل طالعت في كتاب الأباطيل للجوزقاني ، فإذا هو يذكر القصة في الأباطيل ، ولما
رأيت الناس معجبين بهذه القصة كما أعجبت بها ، فذاك يلقيها في محاضرته ، و آخر
ينشرها في مجلته ، و ثالث يذكرها في كتابه – صور من حياة التابعين – والقصة لا تصح
، رأيت أن أذكر ما قال أهل العلم في هذه القصة .
روى أبو نعيم – رحمه الله –
في الحلية ( 4 / 139 ) ، وذكر القصة الذهبي في الميزان (1/585) في ترجمة أبي سُمير
حكيم بن خِذام . و ذكر الحافظ الذهبي أن أبا حاتم قال : إنه متروك الحديث ، و قال
البخاري منكر الحديث يرى القدر .. فعلم بذلك أن القصة ضعيفة جداً من طريق سمير هذا
. والجوزقاني رحمه الله ذكرها في الأباطيل ( 2 / 197 ) و قال : ( ص 198 ) : هذا
حديث باطل تفرد به أبو سمير ، و هو منكر الحديث إلى آخر ما ذكره . و أورد هذه
القصة أيضاً محمد بن خلف الملقب بوكيع في كتابه ( أخبار القضاة ) (2/194) بسند آخر
مظلم .و ذكرها ابن الجوزي في العلل المتناهية ( 2 / 388 ) من هذا الوجه وقال : لا
يصح . والسند الثاني سند مظلم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق