صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي
أَخَوَاتِي
لكل
مقامٍ مقالٌ :
يراد بذلك أن لكل أمرٍ أو فعلٍ أو كلام موضعاً لا يوضَعُ
في غيره . وقيل أول من قال ذلك طرفة بن العبد في شعر يعتذر فيه إلى عمرو بن هند: :
تصدَّق عليَّ هداكَ المليكُ ... فإنّ لكلِّ مقامٍ مقالاً
ومعناه أحسِنْ إلى حتى أذكرك في كل مقام بحُسْن فعلك.
دخل رجل إلى حمزة ابن النصرانية فقال: إن أخي قد مات فمر
لي بكفن، قال: والله ما عندي شيء ولكن تعهدنا إلى أيام لعله يقع، قال: أصلحك الله،
فمر لي بدرهم ملح، قال: ما تصنع به؟ قال: أملحه حتى لا ينتن إلى أن يتيسر كفنه من
عندك.
وقد قال الجاحظ: ليس شيء من الكلام يسقط البتة، فسخيف
الألفاظ يحتاج إلى سخيف المعاني. وقد قيل: لكل مقام مقال، وقيل لبشار بن برد، كم
بين قولك:
أمن طللٍ بالجزع لن يتكلّما ... وأقفر إلا أن ترى مذمما
في نظائر هذه القصيدة من شعرك، ومن قولك:
لبابة ربّة البيت ... تبيع الخلّ بالزيت
لها سبع دجاجاتٍ ... وديكٌ حسن الصوت
فقال: إنما القدرة على الشعر أن يوضع الجد والهزل في
موضعه، ولبابة هذه جارة لي تنفعني بما تبعث لي من بيض دجاجها، وهذا الشعر أحسن
موضعاً عندها من:
قفا نبك من ذكرى حبيبٍ ومنزل
تخيل أن رجلا يتلفظ وهو في شدة غضب أفقدته توازنه ألفاظا
لا ترضي الخالق والمخلوق . وتسمع من يقول : إي صل على النبي . أو وحد الله يا رجل
. ولربما ساقه الغضب إلى ألفاظ تهز عرش الرحمن غضبا . لنتخيل أن رجلا أثقل رأسه
شرب الخمر وتأتي أنت لتقول : حرام وما
بجوز .
يحدثوك
عن المستقبل وكأنهم يقرؤون الغيب
ولكن
لكل مقامٍ مقالٌ
يا
رب فرج عن سوريا وأهل سوريا
ـــــــ
الحيوان – الجاحظ (1/ 132)
الفاخر – المفضل بن سلمة (ص: 314)
البصائر والذخائر – التوحيدي (4/ 72)
جمع الجواهر في الملح والنوادر – أبو إسحاق الحصري(ص: 5)
مجمع الأمثال - (2/ 198)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق