الأربعاء، 16 نوفمبر 2016

لا تدعي الذكاء مطلقا

صبيحة مباركة
إخوتي أخواتي
وأقول : وكم منا من يزاحم في سبيل نيل بعض الرضا من ذا سيادة أو وجاهة أو سُلطة ، حتى وعلى حساب كرامته وهوانه
ليلتقط الفتات ، وليقول فقط أمام الناس أعرف فلانا أو صديقي فلانا
يزاحم في سبيل بقاء مودته ، والحفاظ عليها ، أهله وأصدقاءه
ولن أبالغ إن قلت يبيع شرفه وبسعادة لينفرد بصحبته
ومن قصص الأدب : زعموا أن أسدا وذيبا وثعلبا اصطحبوا برهة من الزمان. فكان الذيب والثعلب يعيشا بفضلات ما يكسّره الأسد ولا يحتاجا إلى سعى في تحصيل ما يقتاتاه.
فحصل للأسد مرضا منعه عن الحركة، وضاق الأمر بالذيب والثعلب، فخرج الثعلب يتسبب له فيما يقتاته. وفكر الذيب في حيلة يغير قلب الأسد على الثعلب حتى يكسره ويقتات به.
فسأل الأسد الذيب وقال: يا أبا جعدة، ما أرى أبو الحصين.
فقال الذيب : أترى أن أبا الحصين كان يلوذ بالملك ،إلا لما كان يجده عنده من فضلات أبا. . . فلما انقطع لم يكن له صبرا.فخرج يسعى في مصالح نفسه. فتنمر الأسد غيضا، وظن الذيب أنه أصاب فيه حاجته.
فلما عاد الثعلب أخبر بما جرا فدخل على الأسد فوجده متغيرا عليه.
فقال: أين كنت، يا خبيث؟ فقبّل الأرض وبكا وقال: إني أقصد الخلوة بالملك في مصلحة شأنه.
واعلم أيها الملك أنني لما رأيتك في هذا المرض الشديد علمت أنك إن هلكت هلكنا لهلكك إذ نحن ما نعيش إلا من فضلك، فدرت على الأطباء والحكماء أستوصف للملك دواء يبريه من علته. فقال الأسد وقد رقّ له وصدقه: فهل علمت لنا بدواء؟
قال: نعم، وهو شيئين أحدهما متعذر علينا والآخر حاصلا، وهو أسرعهما نفعا.
فقال الأسد: وما هما يا أبا الحصين جزاك الله عن سعيك خيرا؟
قال: المتعذر منهما قلب فيل يأكله الملك فيبرأ بعد مدة، وهذا متعذر علينا في هذا الوقت.
والآخر خصوتي ذيب تأكلهما فتبرأ في ساعتك.
فقال الأسد: اخرج يا أبا الحصين واكتم ما معك. وخرج الثعلب وجلس على الباب
واستدعى الأسد للذيب فظن أنه يستشيره فيما يصنع بالثعلب. فلما قرب منه وثب الأسد عليه فالتقم خصوتيه، وقفز الذيب هاربا فجاز على الثعلب، ودمه على ساقيه، فناداه الثعلب: يا صاحب السراويل الأحمر، إذا حضرت مجالس الملوك فلا تذكر إلا خيرا.
-------------
-         كنز الدرر وجامع الغرر - أبو بكر بن عبد الله بن أيبك الدواداري (4/ 177)

-         محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء – الراغب الأصبهاني (2/ 752)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق