السبت، 30 نوفمبر 2024

بين الفرح والسعادة ترى أنحن اليوم في حالة فرح أم سعداء ؟

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إخوَتِي أَخَوَاتِي

بين الفرح والسعادة

ترى أنحن اليوم في حالة فرح أم سعداء ؟

الْفَرَحُ، يُقَالُ فَرِحَ يَفْرَحُ فَرَحًا، فَهُوَ فَرِحٌ. قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى: {ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ} [غافر: 75]  والفرَحُ نقيض الْحزن. وهُوَ انشراحُ الصَّدر بلذّةٍ عاجلةٍ غير آجلة، وذلك فِي اللّذات البدنيّة الدُّنيويّة.

أما السَّعَادَةِ: فخِلَافُ الشَّقَاوَةِ. السِّينُ وَالْعَيْنُ وَالدَّالُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى خَيْرٍ وَسُرُورٍ، خِلَافَ النَّحْسِ. فَالسَّعْدُ: الْيُمْنُ فِي الْأَمْرِ. وَالسَّعْدَانُ: نَبَاتٌ مِنْ أَفْضَلِ الْمَرْعَى.

وورد "الفرح" في القرآن الكريم محمودًا، وورد مذمومًا، وسبق النقل وعن "الراغب"، أن الفرح لم يأت محمودًا إلا في الفرح بالقرآن، ونصر الله للروم على الفرس. وأما السعادة فلم تأت في القرآن إلا في سورة هود، قال تعالىيَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (١٠٥) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (١٠٦) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٠٧) وَأَمَّا الَّذِينَ ‌سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (١٠٨) سورة هود/105-108.

والفرح هو أحد المشاعر الإنسانية والذي يعني البهجة والسرور الذي يشعر به الإنسان، والسعادة في اللغة العربية تعبر عن حالة من الراحة والشعور العميق بالسرور والرضى الكامل، والسعادة من المشاعر الإنسانية التي يستمر تأثيرها على الحالة النفسية للفرد على المدى الطويل، وورد ذكر السعادة في الحديث الشريف فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ وَكَّلَ فِي الرَّحِمِ مَلَكًا، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ نُطْفَةٌ، يَا رَبِّ عَلَقَةٌ، يَا رَبِّ مُضْغَةٌ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَهَا قَالَ: يَا رَبِّ أَذَكَرٌ، يَا رَبِّ أُنْثَى، يَا رَبِّ شَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ، فَمَا الرِّزْقُ، فَمَا الأَجَلُ، فَيُكْتَبُ كَذَلِكَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ " .

فالمرء يفرح حين تحقق أمنية ، وتغمره السعادة حين يشاركه من أحب في ذلك ، وفي المعرة يقولون : العرس بأهلو . أي أن الفرح لا يكتمل إلا بتواجد ومشاركة الأهل .

ويبقى في القلب غصة بمن فُقِد دون عودة ، وبمن ابتعد ولا أمل بالعودة ، بمن ترغب برؤيته ولا سبيل إلى ذلك ....

فهناك من يفرح بغنى المال، والثاني يفرح غنى بربه ومليكه، فالأول فرح بالمال والأحوال، والثاني فرح بالله، ثم بفضله ورحمته، عامة ملجئه ومفزعه إلى الله عز وجل، فالأول قلبه مأسور بالأشياء، قد ملكته حلاوة الأشياء، والثاني سكن قلبه حلاوة قرب الله عز وجل، فالأول قلبه بالأشياء، وبالأشياء تعلقه؛ والثاني مشتغل بالله وإليه منيب، وبه متعلق.

ومما يحقق عندنا حال هذا الثاني، ما أتت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن السلف الصالح من بعده، حدثونا به عن ابن المبارك، عن صالح المري، عن حبيب أبي محمد، وهو العجمي رحمه الله، عن شهر بن حوشب، عن أبي ذر رضي الله عنه ولم يرفعه؛ وأما غير ابن مبارك فرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يقول الله تبارك وتعالى لجبريل عليه السلام: يا جبريل، انسخ من قلب العبد الحلاوة التي كان يجدها بي، فينسخها من قلبه، فيصير العبد والهاً.

تَرجُو السَّعادة َ يا قلبي ولو وُجِدَتْ .. في الكون لم يشتعلْ حُزنٌ ولا أَلَمُ
يا رب فرج عنا همومنا

يا رب فرج هن الشام وأهل الشام

 ـــــــــــــــــــــ

مقاييس اللغة (4/ 499)

صحيح البخاري (4/ 133)

أدب النفس - الترمذي(ص: 30)

تاج العروس (7/ 12)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق