صَبِيحَةٌ مُبارَكَة
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
ترى هل يشترى الكذب ؟
في بعض الأحيان نعم !
حين تضطر للجم من يمكنه إيذاءك أو إيذاء من تحب ذكر أن عبد
الرحمن بن حسّان بن ثابت كان يشبّب بابنة معاوية، ويذكرها في شعره، فقال الناس
لمعاوية: لو جعلته نكالا؟ فقال: لا، ولكن أداويه بغير ذلك. فأذن له وكان يدخل عليه
في أخريات الناس، ثمّ أجلسه على سريره معه، وأقبل عليه بوجهه وحديثه ثم قال: ابنتي
الأخرى عاتبة عليك. قال: في أيّ شي ء؟ قال: في مدحتك أختها وتركك إياها. قال: فلها
العتبى وكرامة، أنا ذاكرها وممتدحها. فلما فعل وبلغ ذلك الناس قالوا: قد كنا نرى
أنّ نسيب بن حسّان بابنة معاوية لشيء، فإذا هو عن رأي معاوية وأمره. وعلم من كان
يعرف أنه ليس له بنت أخرى، أنّه إنما خدعه ليشبّب بها، ولا أصل لها فيعلم الناس
أنه كذب على الأولى لما ذكر الثانية.
وقعد الْمهْدي قعُودا عَاما للنَّاس فَدخل رجل وَفِي يَده نعل
ملفوفة فِي منديل فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذِه نعل رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم قد أَهْدَيْتهَا لَك فَقَالَ هَاتِهَا فَدَفعهَا إِلَيْهِ فَقبل
بَاطِنهَا ووضعها على عَيْنَيْهِ وَأمر للرجل بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم فَلَمَّا أَخذهَا
وَانْصَرف قَالَ لجلسائه أَتَرَوْنَ أَنِّي لم أعلم أَن رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم لم يرهَا فضلا عَن أَن يكون لبسهَا وَلَو كذبناه قَالَ للنَّاس
أتيت أَمِير الْمُؤمنِينَ بنعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَردهَا على
وَكَانَ من يصدقهُ أَكثر مِمَّن يدْفع خَبره إِذْ كَانَ من شَأْن الْعَامَّة ميلها
إِلَى أشكالها والنصرة للضعيف على القوى وَإِن كَانَ ظَالِما اشترينا لِسَانه
وَقَبلنَا هديته وصدقنا قَوْله ورأينا الَّذِي فعلنَا انجح وارجح .
يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا
يا رب فرج عن الشام وأهل الشام
ــــــــــ
الأذكياء – ابن الجوزي (ص: 39)
الأغاني – أبي فرج الأصفهاني (15/ 78)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق