صَبِيحَةٌ مُبارَكَة
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
هي العجلة أفة قاتلة ولعلها من أشد أسباب بلائنا
ومن حكايا السلف لنا مثل
فإرادة التغيير لواقع معاش وفي لمح البصر دون تهيئة الأسباب
والظروف لتغمض عينك ثم تفتحها لتجد نفسك ومن حول في عهد الصحابة رضوان الله عليهم
سيدنا موسى استعجل قال تعالى حكاية عن موسى عليه السلام: قَالَ
هُمْ أُولَاءِ عَلَىٰ أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ ﴿٨٤﴾ قَالَ
فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ ﴿٨٥﴾ سورة
طه فالاستعجال قد يؤدي إلى عكس المرجو من . حدث أبا الحسن علىّ بن عبيد الله
الزعفراني يحكى أن رجلا اجتاز بباب امرأة نصرانية، فرآها فهويها من وقته، وزاد الأمر
به حتّى غلب على عقله، فحمل إلى البيمارستان. وكان له صديق يتردّد إليه ويترسّل
بينه وبينها. ثم زاد الأمر به، فقالت أمّه لصديقه: إني أجئ إليه فلا يكلمني، فقال:
تعالى معي، فأتت معه. فقال له: إن صاحبتك بعثت إليك رسالة، قال: كيف؟ قلت: هذه أمك
تؤدّى رسالتها. فجعلت أمه تحدّثه عنها بشيء من الكذب. ثم زاد الأمر عليه ونزل به
الموت، فقال لصديقه: قد جاء الأجل وحان الوقت وما لقيت صاحبتي في الدّنيا، وأنا
أريد أن ألقاها في الآخرة. فقال له: كيف تصنع؟ قال: أرجع عن دين محمد، وأقول عيسى
ومريم والصليب الأعظم. فقال ذلك ومات. فمضى صديقه إلى تلك المرأة فوجدها عليلة
فجعل يحدّثها، وأخبرها بموت صاحبها، فقالت: أنا ما لقيته في الدّنيا وأنا أريد أن
ألقاه في الآخرة. وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأنا
بريئة من دين النصرانية. فقام أبوها فقال للرجل: خذوها الآن فإنها منكم، فقام
الرجل ليخرج، فقال له: قف ساعة؛ فوقف، فما لبث أن ماتت.
وقال أيضاً : وبلغني عن رجل ببغداد (يقال له صالح المؤذن،
أذّن أربعين سنة، وكان يعرف بالصلاح) أنه صعد يوما إلى المنارة ليؤذن فرأى بنت رجل
نصراني كان بيته إلى جانب المسجد. فافتتن بها، فجاء فطرق الباب فقالت له: من أنت؟
قال: أنا صالح المؤذن. ففتحت له الباب فدخل وضمها إليه، فقالت: أنتم أصحاب
الأمانات، فما هذه الخيانة؟ فقال: إن وافقتينى على ما أريد وإلا قتلتك، فقالت: لا،
إلا أن تترك دينك، فقال كلمة الكفر وبرئ من الإسلام. ثم تقدّم إليها فقالت: إنما
قلت هذا لتقضى غرضك ثم تعود إلى دينك. فكل من لحم الخنزير، فأكل منه، قالت: فاشرب
الخمر، فشرب. فلما دبّ الشراب فيه دنا منها فدخلت بيتا وأغلقت بينها وبينه الباب،
وقالت له: اصعد إلى السطح حتى إذا جاء أبى زوجني منك. فصعد فسقط فمات. فخرجت إليه
ولفته في مسح. وجاء أبوها فقصت عليه القصة فأخرجه فى الليل ورماه في السكة. وظهر
حديثه، فرمى على مزبلة.
يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا
يا رب فرج عن الشام وأهل الشام
نهاية الأرب في فنون الأدب (2/ 173)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق