صَبِيحَةٌ مُبارَكَة
وِجْهَةُ نَظَرٍ مَعَرِّية
الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور فِي سَاحَةِ القضاء
وصور من تاريخ العدالة في تاريخنا
العدالة: في اللغة: الاستقامة، وفي الشريعة: عبارة عن
الاستقامة على طريق الحق بالاجتناب عما هو محظور دينًا.
وقد قيل أعطني قضاء أعطك دولة. وعدل قائم خير من
عطاء دائم.
قال نمير المدني : قَدِم علينا أمير المؤمنين المنصور
المدينة، ومحمد بن عمران الطلحي يتولى القضاء بها وأنا كاتبه، فحضر جماعة من
الجَمالَة واستعدوه على أمير المؤمنين المنصور في شيء ذكروه، فأمرني أن أَكْتُبَ
إلى المنصور بالحضور معهم أو إنصافهم. فقلت له : أعفني من ذلك فإنه يعرفُ خطي .
فقال : اكتب. فكتبتُ وختمتُ . فقال : والله ما يَمْضِي به غيرك، فمضيتُ به إلى
الربيع حاجبه، وجعلتُ أعتذر إليه ، فقال : لا بأس عليك! ودخل بالكتاب على المنصور.
ثم خرج الربيع، فقال للناس - وقد حضر وجوه أهل المدينة والأشراف وغيرهم : إن أمير
المؤمنين يقرأ عليكم السلام ويقول لكم: إني دُعِيتُ إلى مجلس الحكم، فلا أحد منكم
يقوم إذا خرجت، ولا تبدؤوني بالسلام.
ثم خرج وبين يديه المسيب والربيع وأنا خلفه، وهو في إزار
ورداء، فسلم على الناس، فما قام إليه أحد، ثم مضى حتى بدأ بقبر النبي ﷺ، فسلم
عليه، ثم التفت، فلما رآه ابن عمران القاضي أطلق رداءه عن عاتقه، ثم اختبى به،
ودعا بالخصوم وهم الجمالة، ثم دعا بالمنصور، فادعى عليه القوم، وقضى لهم عليه، ثم
انصرف .
فلما دخل المنصور الدار قال للربيع : اذهب، فإذا قام القاضي
من مجلسه فادعه. فلما دعاه ودخل على المنصور سلم عليه، فرد عليه السلام. وقال له :
جزاك الله عن دينك وعن نبيك وعن حسبك، وعن خليفتك، أحسن الجزاء، قد أمرت لك بعشرة
آلاف، صلة لك فاقبضها . فكانت عامة أموال محمد بن عمران من تلك الصلة .
يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا
يا رب فرج عن الشام وأهل الشام
ــــــ
العقد الفريد للملك السعيد سالم محمد بن طلحة : ۱۷۰.
الجمالة أصحاب الجمال.
المسيب زهير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق