صَبِيحَةٌ مُبارَكَة
إخوَتِي أَخَوَاتِيحين تمتحن
ومن حياة السلف لنا مثل
ما مر بنا من بلاء كان امتحانا لنا في أنفسنا وأهلينا وأموالنا ، ترى فهل فزنا أم أن المصاب وانشغلنا به أبعد نظرنا على أنه ابتلاء ، قالوا : "الممتحن"، هو المصفى المهذب، محنت الفضة- إذا صفيتها بالنار. أي المجرب . وقد روى السمرقندي أَنَّهُ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ عَابِدٌ وَكَانَ قَدْ أُوتِيَ جَمَالًا وَحُسْنًا، وَكَانَ يَعْمَلُ الْقِفَافَ بِيَدِهِ فَيَبِيعَهَا، فَمَرَّ ذَاتَ يَوْمٍ بِبَابِ الْمَلِكِ فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ جَارِيَةٌ لِامْرَأَةِ الْمَلِكِ، فَدَخَلَتْ إِلَيْهَا وَقَالَتْ لَهَا: هَهُنَا رَجُلٌ مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مِنْهُ يَطُوفُ بِالْقِفَافِ قَالَتْ: أَدْخِلِيهِ عَلَيَّ فَأَدْخَلَتْهُ، فَلَمَّا دَخَلَ نَظَرَتْ إِلَيْهِ فَأَعْجَبَهَا فَقَالَتْ لَهُ: اطْرَحْ هَذِهِ الْقِفَافَ وَخُذْ هَذِهِ الْمِلْحَفَةَ، وَقَالَتْ لِجَارِيَتِهَا: هَاتِ الدُّهْنَ يَا جَارِيَةُ وَهَاتِ الطِّيبَ فَنَقْضِيَ مِنْهُ حَاجَتَنَا وَيَقْضِيَهَا مِنَّا وَقَالَتْ: نُغْنِيكَ عَنْ بَيْعِ هَذَا فَقَالَ: مَا أُرِيدُ ذَلِكَ مِرَارًا. قَالَتْ: وَإِنْ لَمْ تُرِدْ فَإِنَّكَ غَيْرُ خَارِجٍ حَتَّى نَقْضِيَ حَاجَتَنَا مِنْكَ وَأَمَرَتْ بِالْأَبْوَابِ فَأُغْلِقَتْ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: هَلْ فَوْقَ قَصْرِكُمْ هَذَا مَوْضِعٌ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. ثُمَّ قَالَتْ: يَا جَارِيَةُ ارْقَيْ بِوُضُوئِهِ فَلَمَّا رَقِيَ جَاءَ إِلَى نَاحِيَةِ السَّطْحِ فَرَأَى قَصْرًا مُرْتَفِعًا وَلَا شَيْءَ يَتَعَلَّقُ بِهِ لِيُرْسِلَ نَفْسَهُ مِنَ السَّطْحِ، فَأَخَذَ يُعَاتِبُ نَفْسَهُ وَيَقُولُ: يَا نَفْسُ أَنْتِ مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً تَطْلُبِينَ رِضَا الرَّبِّ الْكَرِيمِ، حَرِيصَةٌ عَلَيْهِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ جَاءَتْكِ عَشِيَّةٌ وَاحِدَةٌ تُفْسِدُ عَلَيْكِ هَذَا كُلَّهُ، إِنَّكِ وَاللَّهِ لَخَائِنَةٌ إِنْ جَاءَتْكِ هَذِهِ الْعَشِيَّةُ، وَأَفْسَدَتْ عَلَيْكِ عَمَلَكِ، فَتَلْقَيِ اللَّهَ بِبَقِيَّةِ عَمَلِكِ، فَجَعَلَ يُعَاتِبُهَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا تَهَيَّأَ لِيُلْقِيَ نَفْسَهُ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِجِبْرِيلَ: يَا جِبْرِيلُ. قَالَ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ قَالَ: عَبْدِي يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ فِرَارًا مِنْ سَخَطِي وَمَعْصِيَتِي، فَتَلَقَّهُ بِجَنَاحِكَ لَا يُصِيبُهُ مَكْرُوهٌ، فَبَسَطَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَنَاحَهُ فَأَخَذَهُ بِهِ ثُمَّ وَضَعَهُ، كَمَا يَضَعُ الْوَالِدُ الرَّحِيمُ وَلَدَهُ قَالَ: فَأَتَى امْرَأَتَهُ وَتَرَكَ الْقِفَافَ، وَقَدْ غَابَتِ الشَّمْسُ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: أَيْنَ ثَمَنُ الْقِفَافِ؟ فَقَالَ لَهَا: مَا أَصَبْتُ لَهَا ثَمَنًا، فَقَالَتْ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ نُفْطِرُ اللَّيْلَةَ؟ قَالَ: نَصْبِرُ لَيْلَتَنَا هَذِهِ ثُمَّ قَالَ: قُومِي فَاسْجُرِي تَنُّورَكِ فَإِنَّا نَكْرَهُ أَنَّ جِيرَانَنَا إِذَا لَمْ يَرَوْنَا نَسْجُرُ التَّنُّورَ اشْتَغَلَتْ قُلُوبُهُمْ بِنَا فَقَامَتْ فَسَجَرَتْهُ ثُمَّ جَاءَتْ فَقَعَدَتْ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ جِيرَانِهَا فَقَالَتْ: يَا فُلَانَةُ هَلْ عِنْدَكِ وَقُودٌ؟ قَالَتْ: نَعَمِ ادْخُلِي فَخُذِي مِنَ التَّنُّورِ، فَدَخَلَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ فَقَالَتْ: يَا فُلَانَةُ مَالِي أَرَاكِ جَالِسَةً تَتَحَدَّثِينَ مَعَ فُلَانٍ وَقَدْ نَضَجَ خُبْزُكِ فِي التَّنُّورِ، وَيَكَادُ أَنْ يَحْتَرِقَ فَقَامَتْ فَإِذَا التَّنُّورُ مَحْشُوٌّ خُبْزًا نَقِيًّا فَجَعَلَتْهُ فِي جَفْنَةٍ، ثُمَّ جَاءَتْ إِلَى الزَّوْجِ فَقَالَتْ لَهُ إِنَّ رَبَّكَ لَمْ يَصْنَعْ بِكَ هَذَا إِلَّا وَأَنْتَ عَلَيْهِ كَرِيمٌ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَبْسُطَ عَلَيْنَا بَقِيَّةَ عُمْرِنَا فَقَالَ لَهَا تَصَبَّرِي عَلَى هَذَا، فَلَمْ تَزَلْ بِهِ حَتَّى قَالَ: نَعَمْ أَفْعَلُ، فَقَامَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ يُصَلِّي وَدَعَا اللَّهَ تَعَالَى وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ زَوْجَتِي سَأَلَتْنِي فَأَعْطِهَا مَا تَتَوَسَّعُ بِهِ فِي بَقِيَّةِ عُمْرِهَا، فَانْفَرَجَ السَّقْفُ فَنَزَلَتْ إِلَيْهِ كَفٌّ عَلَيْهِ يَاقُوتَةٌ أَضَاءَ لَهَا الْبَيْتُ، كَمَا تُضِيءُ الشَّمْسُ فَغَمَزَ رِجْلَهَا وَكَانَتْ نَائِمَةً قَرِيبَةً مِنْهُ، فَقَالَ لَهَا: اجْلِسِي وَخُذِي مَا سَأَلْتِ فَقَالَتْ: لَا تَعْجَلْ أَلِهَذَا أَيْقَظْتَنِي قَدْ كُنْتُ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى كَرَاسِيِّ مَصْفُوفَةٍ مِنْ ذَهَبٍ، مُكَلَّلَةٍ بِالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ فِيهَا ثُلْمَةٌ فَقَالَتْ: لِمَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا مَجْلِسُ زَوْجِكِ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الثُّلْمَةُ؟ قَالُوا: مَا تَعَجَّلَ بِهِ زَوْجُكِ فَقُلْتُ: مَا لِي حَاجَةٌ فِي شَيْءٍ يَثْلِمُ عَلَيْكَ مَجْلِسَكَ ادْعُ رَبَّكَ فَدَعَا رَبَّهُ فَرَجَعَ الْكَفُّ
يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا
يا رب فرج عن الشام وأهل الشام
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي (ص: 614)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق