صَبِيحَةٌ
مُبارَكَة
إخوَتِي
أَخَوَاتِي
فقدان
البصيرة والفطنة سر من أسرار ما نحن فيه من بلاء
من
قصة سيدنا موسى عليه السلام ومن حياة السلف الصالح نتعلم
في
المعرة يقولون للتأنيب : أشو أعمى قلب . وذلك في أن المرء فعل أو لم يستوعب حالة
كان من المفروض أن يحسن فيها وقد قالوا البصر هو نظر العين إلى الأشياء وكثيرا ما
يخون البصر صاحبه في الإحاطة لما هو أمام بصره ، فلو نظرت إلى شيء في عينك ممكن أن
يخدعك في مظهره ، وأما البصيرة هو أن تنظر للأشياء من خلال نظر القلب وتدركها
بعقلك وقلبك بدون النظر بالعين .
من
الصعب أن يفتح المرء قلبه إلا إذا أحس بالأمان وتخيل معي موسى عَليه السلام يَلقى
رَجُلاً غريبَا في أرضٍ غريبة .. فيأمَن له ويفتَح له قلبهُ ويحكي له كُلّ شيء: ﴿فَلَمّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيهِ القَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ﴾ وتِلك
إشارَة أنَّ العلاقَات الإنسانيَّة إنما تُقاس بسَلاسة تلاقي الأرواح .. بعمق
تفَاهمَها .. وليسَ بطولِ السِنين!
سيدنا
عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول عن أعمى البصيرة :الجرأة والجبن غرائز يضعها
الله حيث يشاء،فالجبان يفر عن أهله وولده،والجرئ يقاتل عمن لا يؤؤب به إلى رحله:
ومن شعر لأبى يعقوب الخريمى:
يفرّ
جبان القوم عن عرس نفسه ... ويحمى شجاع القوم من لا يناسبه
ويرزق
معروف الجواد عدوّه ... ويحرم معروف البخيل أقاربه
ولما
كان فقدان البصيرة أشنع من فقدان البصر قال تعالى: (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى
الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46) سورة الفتح
. فذم الله فريقا من الناس بفقدان البصيرة تنبيهًا لنا بأن فقدانها اختياري، إذ هو
بتركهم الإفادة من العلم . وقال ابن عباس - رضي الله عنه - لمن عيَّره بفقدان
البصر: "إنا نصاب في أبصارنا وأنتم تصابون في بصائركم"
بهجة
المجالس وأنس المجالس (ص: 103)
الذريعة
الى مكارم الشريعة – الراغب الأصفهاني (ص: 135)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق